الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في العبد يجني جناية ثم يبيعه سيده وقد علم بجنايته قلت : أرأيت لو أن عبدا جنى جناية ثم باعه سيده وهو يعلم بالجناية أو لا يعلم بها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ، ولكن أرى لأولياء الجناية إذا أبى السيد البائع بعد أن يحلف بالله ما أراد حمل الجناية ، أن يدفع إليهم دية الجناية ، أن يجيزوا البيع ويأخذوا الثمن الذي بيع به وإلا فسخوا البيع وأخذوا العبد ، إلا أن السيد إن هو افتكه بدية الجناية ، فإن لم يلزم المشتري البيع إذا كان المشتري قد أعلمه السيد بجناية العبد حين باعه .

                                                                                                                                                                                      قال : وإن كان لم يعلم يلزمه ذلك . قال سحنون وغيره : وهذا إذا كانت الجناية عمدا لأن هذا عيب في العبد ، فإن كانت خطأ فهو كعيب ذهب قبل أن يرده المشتري . وإن لم يجز أولياء الجناية البيع بعد أن يحلف السيد ولم يفتكه السيد وأرادوا فسخ البيع ، فقال المشتري : أنا أعطي أرش الجناية وأتمسك ببيعتي ، كان ذلك له وكان له أن يرجع على البائع بالأقل مما افتكه به أو من الثمن . وكان رجل من أصحاب مالك يقول : إذا لم يفتكه البائع فالجناية في رقبة العبد ، والعبد بها مرهون . فأهل الجناية أولى بفضلها ، [ ص: 577 ] كالسيد لو أعتقه والجناية فيه وحلف أنه لم يرد حمل الجناية ، كان للمجني عليهم لأنه رهن لهم بالجناية والسيد لم يكن يلزمه الافتكاك ، فصارت رقبته وماله لأهل الجناية ، فهم أولى بفضله . وقال عبد الرحمن عن مالك في هذا المعنى : إن أبى السيد افتكاك العبد وقد أعتق أخذ ماله ، إن كان العبد فيه وفاء للجناية وعتق ، وإن لم يكن فيه وفاء وكان له أحد يعينه من قرابته أو غيرهم بما يتم به أرش الجناية عتق ، وإلا بيع منه . فإن كان يبقى من رقبته شيء بعد تمام الجناية فيعتق ، وإن لم يكن له شيء من هذا فهو لأهل الجناية رقيق لهم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية