الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3179 12- باب المشي أمام الجنازة

                                                              343 \ 3050 -عن سالم - وهو ابن عبد الله بن عمر - عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشون أمام الجنازة

                                                              وأخرجه النسائي وابن ماجه والترمذي ، وقال: وأهل الحديث كأنهم يرون الحديث المرسل في ذلك أصح. وحكى أن البخاري قال: والحديث هو هذا - يعني المرسل -.

                                                              قال الترمذي: رواه معمر ويونس ومالك وغير واحد من الحفاظ عن الزهري: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي أمام الجنازة. قال الزهري، وأخبرني سالم أن أباه كان يمشي أمام الجنازة. وسمعت يحيى بن موسى يقول: قال عبد الرزاق: قال [ ص: 367 ] ابن المبارك: حديث الزهري في هذا مرسلا أصح من حديث ابن عيينة.

                                                              وقال النسائي: هذا خطأ، والصواب مرسل.

                                                              وقالت طائفة من متأخري المحدثين: هذا غير مؤثر، ووصله صحيح.

                                                              قال البيهقي: من وصله واستقر على وصله ولم يختلف عليه فيه - وهو سفيان بن عيينة - حجة ثقة.

                                                              وقال غيره: سفيان بن عيينة من الأثبات الحفاظ، وقد أتى بزيادة على من أرسل، فوجب تقديمه.

                                                              التالي السابق




                                                              قال ابن القيم رحمه الله: ومثل هذالا يعبأ به أئمة الحديث شيئا، ولم يخف عليهم أن سفيان حجة ثقة، وأنه قد وصله، فلم يستدرك عليهم المتأخرون شيئا لم يعرفوه.

                                                              وقال آخرون: قد تابع ابن عيينة - على روايته إياه عن الزهري عن سالم عن أبيه: يحيى بن سعيد، وموسى بن عقبة وزياد بن سعد، وبكر، ومنصور [ ص: 368 ] وابن جريج وغيرهم، ورواه عن الزهري مرسلا: مالك ويونس ومعمر، وليس هؤلاء الذين وصلوه بدون الذين أرسلوه.

                                                              فهذا كلام على طريقة أئمة الحديث، وفيه استدراك وفائدة تستفاد.

                                                              قال المصححون لإرساله: الحديث هو لسفيان، وابن جريج أخذه عن سفيان.

                                                              قال الترمذي: قال ابن المبارك: وأرى ابن جريج أخذه عن سفيان.

                                                              قالوا: وأما رواية منصور وزياد بن سعد وبكر: فإنها من رواية همام.

                                                              وقد قال الترمذي في الجامع.

                                                              وروى همام بن يحيى هذا الحديث عن زياد بن سعد، ومنصور، وبكر، وسفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه، وإنما هو سفيان بن عيينة روى عنه همام، يعني أن الحديث لسفيان وحده، روى عنه همام كذلك، وفي هذا نظر لا يخفى.

                                                              فإن هماما قد رواه عن هؤلاء [ ص: 369 ] عن الزهري ويبعد أن يكونوا كلهم دلسوه عن سفيان ولم يسمعوه من الزهري، وهذا يحيى بن سعيد مع تثبته وإتقانه يرويه كذلك عن الزهري، وكذلك موسى بن عقبة، فلأي شيء يحكم للمرسلين على الواصلين ؟

                                                              وقد كان ابن عيينة مصرا على وصله، ونوظر فيه فقال: الزهري حدثنيه مرارا.

                                                              فسمعته من فيه، يعيده ويبديه، عن سالم عن أبيه.

                                                              وقد روى الترمذي في جامعه من حديث يونس عن ابن شهاب عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة " قال الترمذي: هذا غير محفوظ.

                                                              وسألت محمدا عن هذا الحديث ؟ فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه محمد بن بكر، وإنما يروى هذا الحديث عن يونس عن الزهري " أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة "، قال الزهري: وأخبرني سالم " أن أباه كان يمشي أمام الجنازة " قال محمد: والحديث الصحيح هو هذا، هذا آخر كلام البخاري.

                                                              وسيأتي بعد هذا حديث ابن مسعود " الجنازة متبوعة ليس معها من [ ص: 370 ] تقدمها " وأنه ضعيف،

                                                              وذكر ابن عبد البر من حديث أبي هريرة يرفعه " امشوا خلف الجنازة "، وفيه كنانة مولى صفية: لا يحتج به،

                                                              وذكر أبو أحمد عن سهل بن سعد " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي خلف الجنازة " وهو من حديث يحيى بن سعيد الحمصي العطار، منكر الحديث.




                                                              الخدمات العلمية