الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : بيان ما ورد من الآيات والأخبار في التخويف من الزنا .

وقد روي عن النبي المختار ، في الترهيب والتخويف من الزنا وتعظيم أمره عدة أخبار ، ونفر منه العزيز الجبار ، في كتابه العزيز الحكيم في عدة آيات فقال جل شأنه : { ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } .

وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن } ورواه أبو داود والترمذي والنسائي . وزاد في رواية { فإذا فعل ذلك خلع ربقة الإسلام من عنقه فإن تاب تاب الله عليه }

وفي الصحيحين وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله : صلى الله عليه وسلم { لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة } .

وروى البيهقي عن ابن عمر مرفوعا { الزنا يورث الفقر }

وروى أبو داود واللفظ له والترمذي والبيهقي والحاكم عن أبي هريرة مرفوعا { : إذا زنى الرجل أخرج منه الإيمان وكان عليه كالظلة فإذا قلع رجع إليه الإيمان } .

وروى الخرائطي وذكره الإمام ابن القيم في روضة المحبين عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا { يا معشر المسلمين إياكم والزنا فإن فيه ست خصال ثلاث في الدنيا وثلاث في الآخرة ، فأما اللواتي في الدنيا فذهاب البهاء ، ودوام الفقر ، وقصر العمر ، وأما اللواتي في الآخرة فسخط الله ، وسوء الحساب ، ودخول النار } قال ابن القيم : ويذكر عن أنس رضي الله عنه أنه قال : المقيم على الزنا كعابد وثن . ورفعه بعضهم . قال ابن القيم : وهذا أولى أن يشبه بعابد الوثن من مدمن الخمر .

[ ص: 441 ] وفي المسند وغيره مرفوعا { مدمن الخمر كعابد وثن } فإن الزنا أعظم من شرب الخمر . قال الإمام أحمد رضي الله عنه : ليس بعد قتل النفس أعظم من الزنا . وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال { سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، قلت : إن ذلك لعظيم ، قلت ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك ، قلت ثم أي ؟ قال أن تزاني حليلة جارك } .

وذكر سفيان بن عيينة عن جامع بن شداد عن أبي وائل عن عبد الله قال : إذا بخس المكيال حبس القطر ، وإذا ظهر الزنا وقع الطاعون ، وإذا كثر الكذب كثر الهرج .

ويكفي في قبح الزنا أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها ، وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله . ومن قبحه أن الله فطر عليه بغض الحيوان البهيم الذي لا عقل له ، كما ذكر البخاري في صحيحه عن عمرو بن ميمون الأودي قال : رأيت في الجاهلية قردا زنى بقردة ، فاجتمع عليهما القرود فرجموهما حتى ماتا ، وكنت فيمن رجمهما .

التالي السابق


الخدمات العلمية