الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين

                                                                                                                                                                                                                                        ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن أي من أهل زمان، والقرن مدة أغلب أعمار الناس وهي سبعون سنة. وقيل ثمانون. وقيل القرن أهل عصر فيه نبي أو فائق في العلم. قلت المدة أو كثرت واشتقاقه من قرنت. مكناهم في الأرض جعلنا لهم فيها مكانا وقررناهم فيها وأعطيناهم من القوى والآلات ما تمكنوا بها من أنواع التصرف فيها. ما لم نمكن لكم ما لم نجعل لكم من السعة وطول المقام يا أهل مكة ما لم نعطكم من القوة والسعة في المال والاستظهار في العدد والأسباب. وأرسلنا السماء عليهم أي المطر أو السحاب، أو المظلة فطن مبدأ المطر منها. مدرارا أي مغزارا. وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فعاشوا في الخصب والريف بين الأنهار والثمار. فأهلكناهم بذنوبهم أي لم يغن ذلك عنهم شيئا.

                                                                                                                                                                                                                                        وأنشأنا وأحدثنا. من بعدهم قرنا آخرين بدلا منهم، والمعنى أنه سبحانه وتعالى كما قدر على أن يهلك من قبلكم كعاد وثمود وينشئ مكانهم يعمر بهم بلاده يقدر أن يفعل ذلك بكم.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 155 ]

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية