الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7431 ) : ( وإذا كان أبواه مسلمين ، لم يجاهد تطوعا إلا بإذنهما ) روي نحو هذا عن عمر ، وعثمان . وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، والشافعي ، وسائر أهل العلم . وقد روى عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : { جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أجاهد ؟ فقال : ألك أبوان ؟ قال : نعم . قال : ففيهما فجاهد . } . وعن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، رواه الترمذي . وقال : حديث حسن صحيح . وفي رواية { : فقال : جئت أبايعك على الهجرة ، وتركت أبوي يبكيان . قال : ارجع إليهما ، فأضحكهما كما أبكيتهما . } وعن أبي سعيد ، { أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل لك باليمن أحد ؟ قال : نعم ، أبواي . قال : أذنا لك ؟ قال : لا . قال : فارجع ، فاستأذنهما ، فإن أذنا لك فجاهد ، وإلا فبرهما . } رواهن أبو داود . ولأن بر الوالدين فرض عين ، والجهاد فرض كفاية ، وفرض العين يقدم .

                                                                                                                                            فأما إن كان أبواه غير مسلمين ، فلا إذن لهما . وبذلك قال الشافعي . وقال الثوري : لا يغزو إلا بإذنهما ; لعموم الأخبار . ولنا أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجاهدون ، وفيهم من له أبوان كافران ، من غير استئذانهما ; منهم أبو بكر الصديق ، وأبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر ، وأبوه رئيس المشركين يومئذ ، قتل ببدر ، وأبو عبيدة ، قتل أباه في الجهاد ، فأنزل الله تعالى { لا تجد قوما } . الآية ، وعموم الأخبار مخصص بما رويناه فأما [ ص: 171 ] إن كان أبواه رقيقين ، فعموم كلام الخرقي يقتضي وجوب استئذانهما ; لعموم الأخبار ، ولأنهما أبوان مسلمان ، فأشبها الحرين ، ويحتمل أن لا يعتبر إذنهما ; لأنه لا ولاية لهما . وإن كانا مجنونين فلا إذن لهما ; لأنه لا يمكن استئذانهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية