الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب منه

                                                                                                          3377 حدثنا الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد هو ابن أبي هند عن زياد مولى ابن عياش عن أبي بحرية عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم قالوا بلى قال ذكر الله تعالى قال معاذ بن جبل رضي الله عنه ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله وقد روى بعضهم هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد مثل هذا بهذا الإسناد وروى بعضهم عنه فأرسله

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن زياد ) هو ابن زياد ميسرة المخزومي المدني ، ثقة عابد من الخامسة ( عن أبي بحرية ) بفتح الموحدة وسكون الحاء المهملة وتشديد التحتانية هو عبد الله بن قيس الكندي السكوني ، حمصي مشهور مخضرم ثقة . قوله : " ألا أنبئكم " أي ألا أخبركم " وأزكاها " أي أنماها وأنقاها ، والزكاء النماء والبركة " عند مليككم " المليك بمعنى المالك للمبالغة ، وقال في القاموس : الملك ككتف وأمير وصاحب ، ذو الملك " وخير لكم من إنفاق الذهب والورق " بكسر الراء ويسكن أي الفضة ، وقال الطيبي : قوله " وخير " مجرور عطفا على " خير أعمالكم " من حيث المعنى ; لأن المعنى ألا أنبئكم بما هو خير لكم من بذل أموالكم وأنفسكم في سبيل الله انتهى ، وقيل عطف على " خير أعمالكم " عطف خاص على عام ؛ لأن الأول خير الأعمال مطلقا وهذا خير من بذل الأموال والأنفس ، أو عطف مغاير بأن يراد بالأعمال الأعمال اللسانية فيكون ضد هذا ؛ لأن بذل الأموال والنفوس من الأعمال الفعلية ( قال ذكر الله ) قال شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام في قواعده : هذا الحديث مما يدل على أن الثواب لا يترتب على قدر النصب في جميع العبادات بل قد يأجر الله تعالى على قليل الأعمال أكثر مما يأجر على كثيرها فإذا الثواب يترتب على تفاوت الرتب في الشرف انتهى . وحديث أبي الدرداء هذا أخرجه أيضا مالك في الموطأ ، وأحمد في المسند ، وابن ماجه ، والحاكم في المستدرك ، والطبراني في الكبير ، والبيهقي في شعب الإيمان ، وابن شاهين في الترغيب في الذكر كلهم من حديث أبي الدرداء إلا أن مالكا في الموطأ وقفه عليه وقد صححه الحاكم في المستدرك . قوله : ( ما شيء أنجى من عذاب الله من ذكر الله ) " من " الأولى صلة أنجى والثانية تفضيلية . اعلم أن قوله : قال معاذ بن جبل متصل بما قبله ففي الموطأ مالك عن زياد بن أبي زياد قال : قال أبو الدرداء : ألا أخبركم بخير أعمالكم لكم وأرفعها في درجاتكم ؟ إلى قوله : قالوا بلى . قال : ذكر الله تعالى . قال زياد بن أبي زياد وقال أبو عبد الرحمن معاذ بن جبل : ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب [ ص: 225 ] الله من ذكر الله . وروى أحمد والبيهقي وابن عبد البر قول معاذ هذا مرفوعا ( وقد روى بعضهم هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد ) كيحيى بن سعيد ومكي عند أحمد والمغيرة بن عبد الرحمن عند ابن ماجه .




                                                                                                          الخدمات العلمية