الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7438 ) مسألة وواجب على الناس إذا جاء العدو ، أن ينفروا ; المقل منهم ، والمكثر ، ولا يخرجوا إلى العدو إلا بإذن الأمير ، إلا أن يفجأهم عدو غالب يخافون كلبه ، فلا يمكنهم أن يستأذنوه قوله : المقل منهم والمكثر . يعني به - والله أعلم - الغني والفقير ، أي مقل من المال ومكثر منه ، ومعناه أن النفير يعم جميع الناس ، ممن كان من أهل القتال ، حين الحاجة إلى نفيرهم ; لمجيء العدو إليهم .

                                                                                                                                            ولا يجوز لأحد التخلف ، إلا من يحتاج إلى تخلفه لحفظ المكان والأهل والمال ، ومن يمنعه الأمير من الخروج ، أو من لا قدرة له على الخروج أو القتال ; وذلك لقول الله تعالى : { انفروا خفافا وثقالا } . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا استنفرتم فانفروا } . وقد ذم الله تعالى الذين أرادوا الرجوع إلى منازلهم يوم الأحزاب ، فقال تعالى : { ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا } .

                                                                                                                                            ولأنهم إذا جاء العدو ، صار الجهاد عليهم فرض عين فوجب على الجميع ، فلم يجز لأحد التخلف عنه ، فإذا ثبت هذا ، فإنهم لا يخرجون إلا بإذن الأمير ; لأن أمر الحرب موكول إليه ، وهو أعلم بكثرة العدو وقلتهم ، ومكامن العدو وكيدهم ، فينبغي أن يرجع إلى رأيه ، لأنه أحوط للمسلمين ; إلا أن يتعذر استئذانه لمفاجأة عدوهم لهم ، فلا يجب استئذانه ، لأن المصلحة تتعين في قتالهم والخروج إليه ، لتعين الفساد في تركهم ، ولذلك لما أغار الكفار على لقاح النبي صلى الله عليه وسلم فصادفهم سلمة بن الأكوع خارجا من المدينة ، تبعهم ، فقاتلهم ، من غير إذن ، فمدحه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : خير رجالتنا سلمة بن الأكوع . وأعطاه سهم فارس وراجل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية