الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قذف ]

                                                          قذف : قذف بالشيء يقذف قذفا فانقذف : رمى . والتقاذف : الترامي أنشد اللحياني :


                                                          فقذفتها فأبت لا تنقذف



                                                          ؛ وقوله تعالى : قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب

                                                          قال الزجاج : معناه يأتي بالحق ، ويرمي بالحق ، كما قال تعالى : بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه ؛ وقوله تعالى : ويقذفون بالغيب من مكان بعيد ، قال الزجاج : كانوا يرجمون الظنون أنهم يبعثون . وقذفه به : أصابه وقذفه بالكذب كذلك . وقذف الرجل ، أي : قاء . وقذف المحصنة ، أي : سبها . وفي حديث هلال بن أمية : أنه قذف امرأته بشريك ، القذف هاهنا رمي المرأة بالزنا ، أو ما كان في معناه ، وأصله الرمي ، ثم استعمل في هذا المعنى حتى غلب عليه . وفي حديث عائشة : وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت به الأنصار يوم بعاث ، أي : تشاتمت في أشعارها وأراجيزها التي قالتها في تلك الحرب . والقذف : السب ، وهي القذيفة . والقذف بالحجارة : الرمي بها . يقال : هم بين حاذف وقاذف وحاذ وقاذ على الترخيم ، فالحاذف بالحصى ، والقاذف بالحجارة . ابن الأعرابي : القذف بالحجر ، والحذف بالحصى . الليث : القذف الرمي بالسهم ، والحصى والكلام وكل شيء . ابن شميل : القذاف ما قبضت بيدك مما يملأ الكف فرميت به . قال : ويقال نعم جلمود القذاف هذا . قال : ولا يقال للحجر نفسه نعم القذاف . أبو خيرة : القذاف ما أطقت حمله بيدك ورميته قال رؤبة :


                                                          وهو لأعدائك ذو قراف     قذافة بحجر القذاف



                                                          ، والقذافة ، والقذاف جمع : هو الذي يرمى به الشيء فيبعد قال الشاعر :


                                                          لما أتاني الثقفي الفتان     فنصبوا قذافة بل ثنتان



                                                          ، والقذاف : المنجنيق ، وهو الميزان ، عن ثعلب . والقذيفة : شيء يرمى به ، قال المزرد :


                                                          قذيفة شيطان رجيم رمى بها     فصارت ضواة في لهازم ضرزم



                                                          وفي الحديث : إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا ، أي : يلقي ويوقع . والقذف : الرمي بقوة . وفي حديث الهجرة : فتنقذف عليه نساء المشركين ، وفي رواية : فتتقصف ، وسيأتي ذكره ؛ وقول النابغة :


                                                          مقذوفة بدخيس النحض بازلها     له صريف صريف القعو بالمسد



                                                          أي : مرمية باللحم . ورجل مقذف ، أي : كثير اللحم ، كأنه قذف باللحم قذفا . يقال : قذفت الناقة باللحم قذفا ، ولدست به لدسا ، كأنها رميت به رميا ، فأكثرت منه ، والمقذف : الملعن في بيت زهير ، وهو :


                                                          لدى أسد شاكي السلاح مقذف     له لبد أظفاره لم تقلم



                                                          وقيل : المقذف الذي قد رمي باللحم رميا فصار أغلب ، ويقال : بينهم قذيفى ، أي : سباب ورمي بالحجارة أيضا . ومفازة قذف وقذف وقذوف : بعيدة . وبلدة قذوف ، أي : طروح لبعدها ، وسبسب كذلك . ومنزل قذف وقذيف ، أي : بعيد ، وأنشد أبو عبيد :


                                                          وشط ولي النوى إن النوى قذف     تياحة غربة بالدار أحيانا

                                                          [ ص: 49 ] أبو عمرو : المقذف ، والمقذاف مجذاف السفينة ، والقذاف المركب . والقذف ، والقذفة : الناحية ، والجمع قذاف . الليث : القذف النواحي واحدتها قذفة . غيره : قذفا الوادي والنهر جانباه ، قال الجعدي :


                                                          طليعة قوم أو خميس عرمرم     كسيل الأتي ضمه القذفان



                                                          الجوهري : القذفة واحدة القذف ، والقذفات ، وهي الشرف ، قال ابن بري : شاهد القذف ، قول ابن مقبل :


                                                          عودا أحم القرا أزمولة وقلا     على تراث أبيه يتبع القذفا



                                                          قال : ويروى القذفا ، وقد ضعفه الأعلم . ابن سيده وغيره : وقذفات الجبال وقذفها ما أشرف منها ، واحدتها قذفة ، وهي الشرف ، قال امرؤ القيس :


                                                          وكنت إذا ما خفت يوما ظلامة     فإن لها شعبا ببلطة زيمرا
                                                          منيفا تزل الطير عن قذفاته     يظل الضباب فوقه قد تعصرا



                                                          ويروى نيافا تزل الطير . والنياف : الطويل ، قال ابن بري : ومثله لبشر بن أبي خازم :


                                                          وصعب تزل الطير عن قذفاته     لحافاته بان طوال وعرعر



                                                          وكل ما أشرف من رءوس الجبال فهي القذفات . وفي الحديث : أنه صلى الله عليه وسلم صلى في مسجد فيه قذفات . والأقذاف : كالقذفات . قال أبو عبيد في الحديث : إن عمر رضي الله عنه كان لا يصلي في مسجد فيه قذفات ، هكذا يحدثونه ، قال ابن بري : قذفات صحيح ؛ لأنه جمع سلامة ، كغرفة وغرفات ، وجمع التكسير قذف كغرف ، وكلاهما قد روي وروي : في مسجد فيه قذاف قال ابن الأثير : وهي جمع قذفة ، وهي الشرفة ، كبرمة وبرام ، وبرقة وبراق ، وقال الأصمعي : إنما هي قذف ، وأصلها قذفة ، وهي الشرف ، قال : والأول الوجه لصحة الرواية ووجود النظير . وناقة قذاف وقذوف وقذف : وهي التي تتقدم من سرعتها وترمي بنفسها أمام الإبل في سيرها ، قال الكميت :


                                                          جعلت القذاف لليل التمام     إلى ابن الوليد أبان سبارا



                                                          قال : جعلت ناقتي هذه لهذا الليل حشوا . وناقة قذاف ومتقاذفة : سريعة ، وكذلك الفرس . وفرس متقاذف : سريع العدو . وسير متقاذف : سريع ، قال النابغة الجعدي :


                                                          بحي هلا يزجون كل مطية     أمام المطايا سيرها المتقاذف



                                                          ، والقذاف : سرعة السير . والقذوف ، والقذاف من القسي كلاهما : المبعد السهم حكاه أبو حنيفة قال عمرو بن براء :


                                                          ارم سلاما وأبا الغراف     وعاصما عن منعة قذاف



                                                          ونية قذف بالتحريك ، وفلاة قذف وقذف أيضا مثل صدف وصدف وطنف وطنف ، أي : بعيدة تقاذف بمن يسلكها ، قال الجوهري : نية قذف بالتحريك ووقع في أخرى نية قذف ، بالنون ، والياء ، وروض القذاف : موضع . ابن بري : والقذاف الماء القليل . وفي المثل : نزاف نزاف لم يبق غير قذاف ، وذلك لأن امرأة كانت تحمق ، فأتت على شاطئ نهر فرأت غيلمة فألبستها حليها فانسابت الغيلمة في البحر ، فقالت لجواريها : نزاف نزاف ، أي : انزفن البحر لم يبق غير قذاف ، أي : قليل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية