الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في أكل الدباء

                                                                      3782 حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول إن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه قال أنس فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام فقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزا من شعير ومرقا فيه دباء وقديد قال أنس فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي الصحفة فلم أزل أحب الدباء بعد يومئذ

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( لطعام ) أي : إلى طعام أو لأجل طعام ( قال أنس فذهبت ) وذهابه إما بطلب مخصوص أو بالتبعية له - صلى الله عليه وسلم - لكونه خادما له عملا بالرضى العرفي ( ومرقا ) بفتحتين ( فيه دباء ) بضم الدال وتشديد الموحدة والمد ، وقد يقصر القرع والواحدة دباءة ( وقديد ) أي : لحم مملوح مجفف في الشمس فعيل بمعنى مفعول ، والقد القطع طولا ( يتتبع ) أي : [ ص: 203 ] يتطلب ( من حوالي الصحفة ) أي : جوانبها وهو بفتح اللام وسكون الياء ، وإنما كسر هنا لالتقاء الساكنين ، يقال رأيت الناس حوله وحوليه وحواليه واللام مفتوحة في الجميع ولا يجوز كسرها على ما في الصحاح ، وتقول : حوالي الدار قيل كأنه في الأصل حوالين كقولك جانبين فسقطت النون للإضافة والصحيح هو الأول ، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - : اللهم حوالينا ولا علينا قال النووي : تتبع الدباء من حوالي الصحفة يحتمل وجهين : أحدهما من حوالي جانبه وناحيته من الصحفة لا من حوالي جميع جوانبها ، فقد أمر بالأكل مما يلي الإنسان ، والثاني أن يكون من جميع جوانبها ، وإنما نهى عن ذلك لئلا يتقذره جليسه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتقذره أحد ، بل يتبركون بآثاره - صلى الله عليه وسلم - ، فقد كانوا يتبركون ببصاقه ونخامته ويدلكون بذلك وجوههم ، وشرب بعضهم بوله ، وبعضهم دمه ، وغير ذلك ( فلم أزل أحب الدباء بعد يومئذ ) وفي رواية لمسلم منذ يومئذ . قال الطيبي : يحتمل أن يكون بعد مضافا إلى ما بعده كما جاء في شرح السنة بعد ذلك اليوم ، وأن يكون مقطوعا عن الإضافة ، وقوله يومئذ بيان للمضاف إليه المحذوف ، انتهى . قلت : فعلى الاحتمال الأول يكون دال بعد مفتوحة وميم يومئذ مفتوحة ومكسورة ، وعلى الاحتمال الثاني تكون دال بعد مضمومة وميم يومئذ مفتوحة ، وهذا مأخوذ من المرقاة . وفي الحديث فضيلة أكل الدباء وأنه يستحب أن يحب الدباء ، وكذلك كل شيء كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبه وأنه يحرص على تحصيل ذلك .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .




                                                                      الخدمات العلمية