الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          649 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          والزكاة واجبة على من أزهى التمر في ملكه - والإزهاء : هو احمراره في ثماره - وعلى من ملك البر ، والشعير قبل دراسهما ، وإمكان تصفيتهما من [ ص: 62 ] التبن وكيلهما بأي وجه ملك ذلك ، من ميراث ، أو هبة ، أو ابتياع ، أو صدقة ، أو إصداق ، أو غير ذلك ؟ ولا زكاة على من انتقل ملكه عن التمر قبل الإزهاء ، ولا على من ملكها بعد الإزهاء ، ولا على من انتقل ملكه عن البر ، والشعير ، قبل دراسهما وإمكان تصفيتهما وكيلهما ; ولا على من ملكهما بعد إمكان تصفيتهما وكيلهما ؟ برهان ذلك - : قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ليس فيما دون خمسة أوسق من حب ولا تمر صدقة } فلم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم في الحب صدقة إلا بعد إمكان توسيقه ; فإن صاحبه حينئذ مأمور بكيله وإخراج صدقته ; فليس تأخيره الكيل - وهو له ممكن - بمسقط حق الله تعالى فيه ; ولا سبيل إلى التوسيق الذي به تجب الزكاة قبل الدراس أصلا ; فلا زكاة فيه قبل الدراس ; لأن الله تعالى لم يوجبها ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          فمن سقط ملكه عنه قبل الدراس - ببيع أو هبة ، أو إصداق : أو موت ، أو جائحة ، أو نار ، أو غرق ، أو غصب - فلم يمكنه إخراج زكاته في وقت وجوبها ، ولا وجبت الزكاة عليه وهو في ملكه .

                                                                                                                                                                                          ومن أمكنه الكيل وهو في ملكه فهو الذي خوطب بزكاته ; فمن ملكه بعد ذلك فإنما ملكه بعد وجوب الزكاة على غيره ؟ وليس التمر كذلك ; لأن النص جاء بإيجاب الزكاة فيه إذا بدا طيبه ، كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى ؟ ومن خالفنا في هذا ورأى الزكاة في البر ، والشعير إذا يبسا واستغنيا عن الماء .

                                                                                                                                                                                          سألناه عن الدليل على دعواه هذه ؟ ولا سبيل له إلى ذلك وعارضناه بقول أبي حنيفة الذي يرى على من باع زرعا أخضر قصيلا ففصله المشتري وأطعمه دابته قبل أن يظهر فيه شيء من الحب - : أن الزكاة على البائع ، عشر [ ص: 63 ] الثمن أو نصف عشره ، ولا سبيل لأحدهما إلى ترجيح قول على الآخر ؟ ولو صح قول من رأى الزكاة واجبة فيه قبل دراسه - : لكان واجبا إذا أدى العشر منه كما هو في سنبله أن يجزئه ; وهذا ما لا يقولونه

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية