الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في القصاص في جراح العبد قال : وقال مالك : الأمر عندنا في القصاص في المماليك بينهم كهيئته في الأحرار ، نفس الأمة بنفس العبد وجرحها بجرحه . قال : وإقادة العبيد بعضهم من بعض في الجراح يخير سيد المجروح ، إن شاء استقاد وإن شاء أخذ العقل ابن وهب : عن يونس عن ابن شهاب أنه قال في مملوكين قتلا مملوكا عمدا فأراد ولي المملوك المقتول أن يسترقهما ولا يقتلهما ابن وهب ؟ قال ابن شهاب : إن قتلهما قودا خلي بينه وبين قتلهما ، وإن أراد استرقاقهما واستحياءهما فليس له فيهما إلا ثمن ما أصاباه . ابن وهب : عن الليث قال : كان ربيعة يقول في مائة عبد لرجل وقعوا على رجل آخر فقتلوه جميعا ، فمنهم الباطش ومنهم الآمر ، وقد قامت بذلك البينة ، فدفعوهم إليه ليقتلهم فأراد استحياءهم واسترقاقهم قال ربيعة : إن كان أراد أن يستحييهم فليس له إلا الدية يستوفيها منهم فقط ، وإن أراد قتلهم فله دماؤهم بما اجتمعوا عليه من قتل صاحبهم . وذلك لأن الدم يعلق به من أصابه ، وأن الدية لا يعلق بها المال كله ، ولا يكون لمن لم يكن له في دم صاحبه إلا العفو إلا دية معلومة مسماة .

                                                                                                                                                                                      حدثنا سحنون عن ابن وهب عن شمر بن نمير يحدث عن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : إذا جنى العبد فليس على سيده غرم فوق رقبته ، وإن أحب أن يفتديه افتداه وإن أحب أن [ ص: 606 ] يسلمه أسلمه ابن وهب عن يزيد بن عياض عن عبد الملك بن عبيد عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يقول : العبد لا يغرم سيده فوق نفسه شيئا ، وإن كانت دية المجروح أكثر من رقبة العبد فلا زيادة له ابن وهب : عن محمد بن عمرو عن ابن جريج قال : كتب عمر بن عبد العزيز : أن بين العبدين قصاصا في العمد أنفسهما فما دون ذلك من جراحهما ابن وهب : وقال ابن جريج : وقال ذلك سالم بن عبد الله بن عمر ابن وهب : قال ابن جريج : وأخبرني عبد العزيز بن عمرو بن عبد العزيز في كتاب لعمر بن عبد العزيز عن عمر بن الخطاب أنه قال : يقاد المملوك من المملوك في كل عمد يبلغ نفسه فما دون ذلك من الجراح ، فإن اصطلحوا فيه على العقل فقيمة المقتول على أهل القاتل أو الجارح ابن وهب : عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب أنه قال : يقاد العبد من العبد في القتل عمدا ويقاد العبد من العبد في الجراح عمدا ، فإن قبل العقل من العبد كان عقل جراح مملوك كل واحد منهما في ثمنه بقيمة عدل . وإن قتل عبد عبدا عمدا أقيد منه في القتل ، فإن أراد صاحبه أن يستحيي العبد أعطى قيمة عبده المقتول في ثمن العبد القاتل ، لا يزاد على ذلك إلا أن يحب أهله أن يسلموه بجريرته وأهل العبد القاتل أملك بأن يفتدوه بعقل العبد المقتول أو يسلموا العبد القاتل بجريرته إن شاءوا ابن وهب عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال في عبد قتل عبدا عمدا : إنه يسلم القاتل إلى سيد المقتول فيقتله ، فإن أراد أن يستحييه فيكون عبدا له لم يكن ذلك له إلا عن طيب نفس سيده .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية