الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ

                                                                                                                                                                                                                                        (103) إن في ذلك المذكور، من أخذه للظالمين، بأنواع العقوبات، لآية لمن خاف عذاب الآخرة أي: لعبرة ودليلا على أن أهل الظلم والإجرام، لهم العقوبة الدنيوية، والعقوبة الأخروية، ثم انتقل من هذا، إلى وصف الآخرة فقال: ذلك يوم مجموع له الناس أي: جمعوا لأجل ذلك اليوم، للمجازاة، وليظهر لهم من عظمة الله وسلطانه وعدله العظيم، ما به يعرفونه حق المعرفة.

                                                                                                                                                                                                                                        وذلك يوم مشهود أي: يشهده الله وملائكته، وجميع المخلوقين.

                                                                                                                                                                                                                                        (104) وما نؤخره أي: إتيان يوم القيامة إلا لأجل معدود إذا انقضى أجل الدنيا وما قدر الله فيها من الخلق، فحينئد ينقلهم إلى الدار الأخرى، ويجري عليهم أحكامه الجزائية، كما أجرى عليهم في الدنيا، أحكامه الشرعية.

                                                                                                                                                                                                                                        (105) يوم يأت ذلك اليوم، ويجتمع الخلق لا تكلم نفس إلا بإذنه حتى الأنبياء، والملائكة الكرام، لا يشفعون إلا بإذنه، فمنهم أي: الخلق شقي وسعيد فالأشقياء، هم الذين كفروا بالله، وكذبوا رسله، وعصوا أمره، والسعداء، هم: المؤمنون المتقون.

                                                                                                                                                                                                                                        (106) وأما جزاؤهم فأما الذين شقوا أي: حصلت لهم الشقاوة [ ص: 769 ] والخزي والفضيحة، ففي النار منغمسون في عذابها، مشتد عليهم عقابها، لهم فيها من شدة ما هم فيه زفير وشهيق وهو أشنع الأصوات وأقبحها.

                                                                                                                                                                                                                                        (107) خالدين فيها أي: في النار، التي هذا عذابها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك أي: خالدين فيها أبدا، إلا المدة التي شاء الله، أن لا يكونوا فيها، وذلك قبل دخولها، كما قاله جمهور المفسرين، فالاستثناء على هذا، راجع إلى ما قبل دخولها، فهم خالدون فيها جميع الأزمان، سوى الزمن الذي قبل الدخول فيها.

                                                                                                                                                                                                                                        إن ربك فعال لما يريد فكل ما أراد فعله واقتضته حكمته فعله، تبارك وتعالى، لا يرده أحد عن مراده.

                                                                                                                                                                                                                                        (108) وأما الذين سعدوا أي: حصلت لهم السعادة، والفلاح، والفوز ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك ثم أكد ذلك بقوله: عطاء غير مجذوذ أي: ما أعطاهم الله من النعيم المقيم، واللذة العالية، فإنه دائم مستمر، غير منقطع بوقت من الأوقات، نسأل الله الكريم من فضله.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية