الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 26 ] وفي فتاوى مؤيد زاده معزيا للفصولين : حانوت وقف بنى فيه ساكنه بلا إذن موليه ، إن لم يضر رفعه رفعه وإن ضر فهو المضيع ماله فليتربص إلى أن يتخلص ماله من تحت البناء ثم يأخذه ، ولا يكون بناؤه مانعا من صحة الإجارة لغيره إذ لا بد له على ذلك حيث لا يملك رفعه ولو اصطلحوا أن يجعلوا ذلك للوقف بثمن لا يجاوز أقل القيمتين منزوعا ومبنيا فيه صح ، ولو لحق الآجر دين رفع إلى القاضي ليفسخ العقد ، وليس للآجر [ ص: 27 ] أن يفسخ بنفسه وعليه الفتوى .

[ ص: 26 ]

التالي السابق


[ ص: 26 ] مطلب في المرصد والقيمة ومشد المسكة ورأيت في وقف الحامدية عن فتاوى الحانوتي : شرط جواز إجارة الوقف بدون أجر المثل إذا نابه نائبة أو كان دين إلخ فهذا مؤيد لما قلنا ، إذ لا شك أن المرصد دين على الوقف تقل أجرته بسببه فتأمل .

وفي شرح الملتقى عن الأشباه : ولا يؤجر الوقف إلا بأجر المثل إلا بنقصان يسير أو إذا لم يرغب فيه إلا بالأقل ا هـ تأمل ، ومثل هذا يقال في الكدك ، وهو ما يبنيه المستأجر في حانوت الوقف ولا يحسبه على الوقف فيقوم المستأجر بجميع لوازمه من عمارة وترميم وإغلاق ونحو ذلك ويبيعونه بثمن كثير

فباعتبار ما يدفعه المستأجر من هذا الثمن الكثير وما يصرفه في المستقبل على أرض الوقف تكون أجرة المثل تلك الأجرة القليلة التي يدفعونها وقد تكون أصل عمارة الوقف من صاحب الكدك يأخذها منه الواقف ويعمر بها ويجعلها للمستأجر ويؤجره بأجرة قليلة وهو المسمى بالخلو ، ومثله يقال في القيمة ومشد المسكة في البساتين ونحوها ، وهي عبارة عن القمامة والكراب وما يزرعه مما تبقى أصوله ونحو ذلك وحق الغرس والزرع فإنها تباع بثمن كثير فبسببها تزيد أجرة الأرض زيادة كثيرة ، وهذه أمور حادثة تعارفوا عليها .

وفي فتاوى العلامة المحقق عبد الرحمن أفندي العمادي مفتي دمشق جوابا لسؤال عن الخلو المتعارف بما حاصله أن الحكم العام قد يثبت بالعرف الخاص عند بعض العلماء كالنسفي وغيره ، ومنه الأحكار التي جرت بها العادة في هذه الديار ، وذلك بأن تمسح الأرض وتعرف بكسرها ويفرض على قدر من الأذرع مبلغ معين من الدراهم ويبقى الذي يبني فيها يؤدي ذلك القدر كل سنة من غير إجارة كما ذكره في أنفع الوسائل ، فإذا كان بحيث لو رفعت عمارته لا تستأجر بأكثر تترك في يده بأجر المثل ، ولكن لا ينبغي أن يفتي باعتبار العرف مطلقا خوفا من أن ينفتح باب القياس عليه في كثير من المنكرات والبدع ، نعم يفتى به فيما دعت إليه الحاجة وجرت به في المدة المديدة العادة وتعارفه الأعيان بلا نكير كالخلو المتعارف في الحوانيت ، وهو أن يجعل الواقف أو المتولي أو المالك على الحانوت قدرا معينا يؤخذ من الساكن ويعطيه به تمسكا شرعيا فلا يملك صاحب الحانوت بعد ذلك إخراج الساكن الذي له الخلو ولا إجارتها لغيره ، ما لم يدفع له المبلغ المرقوم فيفتى بجواز ذلك قياسا على بيع الوفاء الذي تعارفه المتأخرون احتيالا عن الربا ، حتى قال في مجموع النوازل : اتفق مشايخنا في هذا الزمان على صحته بيعا لاضطرار الناس إلى ذلك .

ومن القواعد الكلية : إذا ضاق الأمر اتسع حكمه ، فيندرج تحتها أمثال ذلك مما دعت إليه الضرورة ، والله أعلم ا هـ ملخصا . ( قوله رفعه ) أي جبرا . ( قوله من تحت البناء ) الأولى حذف تحت ط . ( قوله حيث لا يملك رفعه ) حيثية تعليل ط . ( قوله ولو اصطلحوا إلخ ) هذا إما بيان للأفضل فلا ينافي الجبر عند عدم الاصطلاح أو هو رواية ضعيفة رملي على البحر ملخصا .

وعلى الأول يوافق ما مر عن الشروح ، وعلى الثاني يوافق ما أطبق عليه أرباب الفتاوى . ( قوله ولو لحق الآجر دين إلخ ) محله باب فسخ الإجارة وسيأتي بيانه هناك




الخدمات العلمية