الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر فيه قولان: أحدهما: أنه رأى إخوته وأبويه ساجدين له فثنى ذكرهم ، وعنى بأحد عشر كوكبا إخوته وبالشمس أباه يعقوب ، وبالقمر أمه راحيل رآهم له ساجدين ، فعبر عنه بما ذكره ، قاله ابن عباس وقتادة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين له فتأول الكواكب إخوته ، والشمس أباه ، والقمر أمه ، وهو قول الأكثرين. وقال ابن جريج: الشمس أمه والقمر أبوه ؛ لتأنيث الشمس وتذكير القمر. وروى السدي عن عبد الرحمن بن سابط عن جابر قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 7 ] رجل من اليهود يقال له بستانة فقال: يا محمد ، أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له ، ما أسماؤها ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجب بشيء ، فنزل عليه جبريل بأسمائها . قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه وقال : (أنت تؤمن إن أخبرتك بأسمائها؟) فقال : نعم . فقال: ( جريان ، والطارق والذيال وذو الكتفين وقابس والوثاب والعمودان والفليق والمصبح والضروح وذو الفرع والضياء والنور) . فقال اليهودي: بلى والله إنها لأسماؤها.
                                                                                                                                                                                                                                        وفي إعادة قوله رأيتهم لي ساجدين وجهان: أحدهما: تأكيدا للأول لبعد ما بينهما ، قاله الزجاج.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن الأول رؤيته لهم ، والثاني رؤيته لسجودهم. وفي قوله ساجدين وجهان: أحدهما: أنه السجود المعهود في الصلاة إعظاما لا عبادة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه رآهم خاضعين فجعل خضوعهم سجودا ، كقول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                        ... ... ... ترى الأكم فيه سجدا للحوافر



                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية