الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قسر ]

                                                          قسر : القسر : القهر على الكره . قسره يقسره قسرا واقتسره : غلبه وقهره ، وقسره على الأمر قسرا : أكرهه عليه ، واقتسرته أعم . وفي حديث علي _ رضي الله عنه - : مربوبون اقتسارا ، الاقتسار افتعال من القسر ، وهو القهر والغلبة . والقسورة : العزيز يقتسر غيره ، أي : يقهره والجمع قساور . والقسور : الرامي ، وقيل : الصائد ؛ وأنشد الليث :


                                                          وشرشر وقسور نصري



                                                          وقال : الشرشر الكلب ، والقسور الصياد ، والقسور الأسد ، والجمع قسورة . وفي التنزيل العزيز : فرت من قسورة ، قال ابن سيده : هذا قول أهل اللغة وتحريره أن القسور والقسورة اسمان للأسد ، أنثوه كما قالوا أسامة إلا أن أسامة معرفة ، وقيل في قوله : فرت من قسورة ، قيل : هم الرماة من الصيادين ، قال الأزهري : أخطأ الليث في غير شيء مما فسر ، فمنها قوله : الشرشر الكلب ، وإنما الشرشر نبت معروف ، قال : وقد رأيته في البادية تسمن الإبل عليه وتغزر ، وقد ذكره ابن الأعرابي وغيره في أسماء نبوت البادية ، وقوله : القسور الصياد خطأ ، إنما القسور نبت معروف ناعم ، روى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده لجبيها في صفة معزى بحسن القبول وسرعة السمن على أدنى المرتع :


                                                          فلو أنها طافت بطنب معجم     نفى الرق عنه جدبه ، وهو صالح
                                                          لجاءت كأن القسور الجون بجها     عساليجه ، والثامر المتناوح



                                                          قال : القسور ضرب من الشجر ، واحدته قسورة . قال : وقال الليث القسور الصياد ، والجمع قسورة وهو خطأ ، لا يجمع قسور على قسورة ، إنما القسورة اسم جامع للرماة ولا واحد له من لفظه . ابن الأعرابي : القسورة الرماة ، والقسورة الأسد ، والقسورة الشجاع ، والقسورة أول الليل ، والقسورة ضرب من الشجر .الفراء في قوله تعالى : فرت من قسورة قال : الرماة ، وقال الكلبي بإسناده : هو الأسد . وروي عن عكرمة أنه قيل له : القسورة بلسان الحبشة الأسد ، فقال : القسورة الرماة ، والأسد بلسان الحبشة عنبسة ، قال : وقال ابن عيينة : كان ابن عباس يقول : القسورة نكر الناس يريد حسهم وأصواتهم . وقال ابن عرفة : قسورة فعولة من القسر ، فالمعنى كأنهم حمر أنفرها من نفرها برمي أو صيد أو غير ذلك . قال ابن الأثير : وورد القسورة في الحديث ، قال : القسورة الرماة من الصيادين ، وقيل الأسد ، وقيل كل شديد . والقياسر والقياسرة [ ص: 99 ] : الإبل العظام ، قال الشاعر :


                                                          وعلى القياسر في الخدور كواعب     رجح الروادف فالقياسر دلف



                                                          الواحد : قيسري ، وقال الأزهري : لا أدري ما واحدها . وقسورة الليل : نصفه الأول ، وقيل معظمه ، قال توبة بن الحمير :


                                                          وقسورة الليل التي بين نصفه     وبين العشاء قد دأبت أسيرها

                                                          وقيل : هو من أوله إلى السحر . والقسور : ضرب من النبات سهلي ، واحدته قسورة . وقال أبو حنيفة : القسور حمضة من النجيل ، وهو مثل جمة الرجل يطول ويعظم والإبل حراص عليه . قال جبيها الأشجعي في صفة شاة من المعز :


                                                          ولو أشليت في ليلة رحبية     لأرواقها قطر من الماء سافح
                                                          لجاءت كأن القسور الجون     بجها عساليجه والثامر المتناوح



                                                          يقول : لو دعيت هذه المعز في مثل هذه الليلة الشتوية الشديدة البرد لأقبلت حتى تحلب ، ولجاءت كأنها تمأت من القسور ، أي : تجيء في الجدب والشتاء من كرمها وغزارتها كأنها في الخصب والربيع . والقسوري : ضرب من الجعلان أحمر . والقيسري من الإبل : الضخم الشديد القوي ، وهي القياسرة . والقيسري : الكبير ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          تضحك مني أن رأتني أشهق     والخبز في حنجرتي معلق
                                                          وقد يغص القيسري الأشدق



                                                          ورد ذلك عليه فقيل : إنما القيسري هنا الشديد القوي ، وأما قول العجاج :


                                                          أطربا وأنت قيسري ؟     والدهر بالإنسان دواري



                                                          فهو الشيخ الكبير أيضا ، ويروى قنسري ، بكسر النون . وقال الليث : القيسري الضخم المنيع الشديد . قال ابن بري : صوابه أن يذكر في فصل قنسر ; لأنه لا يقوم له دليل على زيادة النون وسنذكره هنا مستوفى . والقوسرة والقوسرة ، كلتاهما : لغة في القوصرة والقوصرة . و بنو قسر : بطن من بجيلة ، إليهم ينسب خالد بن عبد الله القسري من العرب وهم رهطه . والقسر : اسم رجل قيل هو راعي ابن أحمر ، وإياه عنى بقوله :


                                                          أظنها سمعت عزفا فتحسبه     إشاعة القسر ليلا حين ينتشر



                                                          وقسر : موضع ، قال النابغة الجعدي :


                                                          شرقا بماء الذوب يجمعه     في طود أيمن من قرى قسر



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية