الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          [ ص: 69 ] مسألة :

                                                                                                                                                                                          ومن زرع قمحا أو شعيرا مرتين في العام أو أكثر ، أو حملت نخلة بطنين في السنة فإنه لا يضم البر الثاني ولا الشعير الثاني ولا التمر الثاني إلى الأول ; وإن كان أحدهما ليس فيه خمسة أوسق لم يزكه ; وإن كان كل واحد منهما ليس فيه خمسة أوسق بانفراده لم يزكهما .

                                                                                                                                                                                          قال علي : وذلك أنه لو جمعا لوجب أن يجمع بين الزرعين والتمرتين ولو كان بينهما عامان أو أكثر ; وهذا باطل بلا خلاف ، وإذ صح نفي رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة عما دون خمسة أوسق فقد صح أنه راعى المجتمع ، لا زرعا مستأنفا لا يدرى أيكون أم لا - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          662 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          وإن كان قمح بكير أو شعير بكير أو تمر بكير وآخر من جنس كل واحد منها مؤخر ، فإن يبس المؤخر أو أزهى قبل تمام وقت حصاد البكير وجداده فهو كله زرع واحد وتمر واحد ، يضم بعضه إلى بعض ، وتزكى معا ; إن لم ييبس المؤخر ولا أزهى إلا بعد انقضاء وقت حصاد البكير فهما زرعان وتمران ، يضم أحدهما إلى الآخر ولكل واحد منهما حكمه .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : أن كل زرع وكل تمر فإن بعضه يتقدم بعضا في اليبس والإزهاء ; وإن ما زرع في تشرين الأول يبدأ يبسه قبل أن ييبس ما زرع في شباط ، إلا أنه لا ينقضي وقت حصاد الأول حتى يستحصد الثاني ; لأنها صيفة واحدة ، وكذلك التمر - وأما إذا كان لا يجتمع وقت حصادهما ولا يتصل وقت إزهائهما فهما زمنان اثنان كما قدمنا - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          وأبكر ما صح عندنا يقينا : أنه يبدأ بأن يزرع في بلاد من شنت برية ، وهي من عمل مدينة سالم بالأندلس ، فإنهم يزرعون الشعير في آخر أيلول وهو " شتنبر " لغلبة الثلج على بلادهم ، حتى يمنعهم من زرعها إن لم يبكروا به كما [ ص: 70 ] ذكرنا ; ويتصل الزرع بعد ذلك مدة ستة أشهر وزيادة أيام ، فقد شاهدنا في الأعوام زريعة القمح والشعير في صدر " آذار " وهو " مرس " .

                                                                                                                                                                                          وأبكر ما صح عندنا حصاده فألش فألش " من عمل " تدمير " فإنهم يبدءون بالحصاد في أيام باقية من " نيسان " وهو " أبريل " ويتصل الحصاد أربعة أشهر إلى صدر زمن " أيلول " وهو " أغشت " وهي كلها صيفة واحدة ، واستحصاد واحد متصل .

                                                                                                                                                                                          663 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          فلو حصد قمح أو شعير ثم أخلف في أصوله زرع فهو زرع آخر ، لا يضم إلى الأول ; لما ذكرنا قبل - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية