الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( كتاب النكاح ) [ ص: 183 ] قيل بلغ أسماءه بعض اللغويين ألفا وأربعين ، وهو لغة الضم والوطء وشرعا عقد يتضمن إباحة وطء باللفظ الآتي ، وهو حقيقة في العقد مجاز في الوطء لصحة نفيه عنه ولاستحالة أن يكون حقيقة فيه ويكنى به عن العقد لاستقباح ذكره كفعله والأقبح لا يكنى به عن غيره وإرادته في { حتى تنكح زوجا غيره } دل عليه خبر { حتى تذوقي عسيلته } وفي { الزاني لا ينكح إلا زانية } بناء على ما قاله ابن الرفعة أن المراد لا يطأ دل عليها السياق وقيل عكسه وقيل حقيقة فيهما فلو حلف لا ينكح حنث بالعقد ولو زنى بامرأة لم تثبت مصاهرة والأصل فيه قبل الإجماع الآيات والأخبار الكثيرة وقد جمعتها فزادت على المائة بكثير في تصنيف سميته الإفصاح عن أحاديث النكاح وشرع من عهد آدم صلى الله على نبينا وعليه وسلم واستمر حتى في الجنة ولا نظير له فيما تعبدنا به من العقود

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( كتاب النكاح )

                                                                                                                              [ ص: 183 ] قوله : وإرادته إلخ ) على أنه لا يتعين إرادته هنا بل يجوز إرادة العقد إذ لا بد منه في التحليل غاية الأمر أنه يعتبر معه شيء آخر كما أنه لا يكفي إرادة الوطء بل لا بد معه من طلاق الثاني ثم انقضاء العدة ثم عقد الأول ( قوله : وفي الزاني إلخ ) عطف على قوله في تنكح ( قوله حتى في الجنة ) قد يدل صنيعه على أن المراد العقد وقد يستبعد وقد يكون المراد أثر النكاح ، وهو ثبوت الزوجية



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( كتاب النكاح ) [ ص: 183 ] قوله : قيل ) إلى قوله اتفاقا في المغني إلا قوله وفي الزاني إلى وقيل وقوله وقد جمعتها إلى وشرع وإلى المتن في النهاية إلا قوله وفي الزاني إلى وقيل وقوله وقد جمعتها إلى وفائدته ( قوله : بعض اللغويين ) ، وهو علي بن جعفر ا هـ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : باللفظ الآتي ) ، وهو الإنكاح والتزويج وما اشتق منهما ا هـ ع ش أي وترجمتها ( قوله لصحة نفيه عنه ) أي نفي النكاح عن الوطء إذ يقال في الزنا سفاح لا نكاح ويقال في السرية ليست زوجة ولا منكوحة وصحة النفي دليل المجاز ا هـ مغني زاد الرشيدي لكن قد يقال إن هذا لا يسلمه الخصم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولاستحالة إلخ ) أي عرفا كما هو ظاهر ا هـ رشيدي عبارة ع ش هذا إنما يظهر بناء على أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد أما على القول بأنه حقيقة فيهما فلا ؛ لأنه إذا استعمل في العقد على هذا يكون مستعملا في حقيقته ا هـ أي فيكون من باب الصريح لا الكناية .

                                                                                                                              ( قوله : فيه ) أي الوطء وكذا ضمير ذكره وكفعله وإرادته ( قوله ويكنى به إلخ ) الواو للحال ا هـ ع ش ( قوله لاستقباح إلخ ) الظاهر أنه علة للاستحالة ا هـ رشيدي أقول وهذا صريح صنيع المغني ( قوله : وإرادته إلخ ) مبتدأ خبره قوله : دل عليها إلخ عبارة المغني ولا يرد على ذلك قوله تعالى { حتى تنكح زوجا غيره } ؛ لأن المراد العقد والوطء مستفاد من خبر الصحيحين { حتى تذوقي عسيلته } ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وفي الزاني إلخ ) عطف على قوله في حتى تنكح ا هـ سم أي وقوله الآتي دل عليها السياق على قوله دل عليها خبر إلخ بحرف واحد مع تقدم المجرور ( قوله : بناء على إلخ ) حال من متعلق في الزاني المقدر بالعطف وقوله إن المراد إلخ بيان لما وقوله دل إلخ خبر ذلك المتعلق المقدر ( قوله : وقيل عكسه ) عبارة المغني والثاني أي من الأوجه الثلاثة في موضوع النكاح أنه حقيقة في الوطء مجاز في العقد وبه قال أبو حنيفة ، وهو أقرب إلى اللغة والأول أقرب إلى الشرع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله حقيقة فيهما ) أي بالاشتراك كالعين ا هـ مغني ( قوله فلو حلف إلخ ) تفريع على الأول وقوله ولو زنى إلخ تفريع ثان ا هـ رشيدي ( قوله فلو حلف إلخ ) عبارة المغني وفائدة الخلاف بيننا وبين الحنفية تظهر فيمن زنى بامرأة فإنها تحرم على والده وولده عندهم لا عندنا قاله الماوردي والروياني وفيما لو علق الطلاق على النكاح فإنه يحمل على العقد عندنا لا الوطء إلا إن نواه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : حنث بالعقد ) لا الوطء إلا إن نواه ا هـ شيخنا زيادي وقضيته أنه يقبل ذلك منه ظاهرا ولعل وجهه شهرته فيه ، وإن كان مجازا فليراجع ثم قضيته أنه لا يحنث حيث لا نية ، وإن دلت القرينة على إرادته كأن حلف لا ينكح زوجته وينبغي خلافه عملا بالقرينة ا هـ ع ش وقوله وينبغي إلخ يؤيده قول المغني وإذا قالوا أي العرب نكح زوجته وامرأته لم يريدوا إلا المجامعة ا هـ ( قوله : حتى في الجنة ) قد يدل صنيعه على أن المراد العقد وقد يستبعد ويكون المراد أثر النكاح ، وهو ثبوت الزوجية ا هـ سم أقول وأفاده قول الشارح الآتي وهذه هي التي إلخ




                                                                                                                              الخدمات العلمية