الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            2799 - خطبة النجاشي على نكاح أم حبيبة

                                                                                            2800 - الأكل بعد النكاح من سنة الأنبياء

                                                                                            2801 - ذكر إسلام أبرهة جارية النجاشي

                                                                                            6837 - قال ابن عمر : حدثنا عبد الله بن عمرو بن زهير ، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد بن العاص ، قال : قالت أم حبيبة : رأيت في المنام كأن عبيد الله بن جحش زوجي بأسوأ صورة وأشوهه ففزعت ، فقلت : تغيرت والله حاله ، فإذا هو يقول حين أصبح : يا أم حبيبة ، إني نظرت في الدين فلم أر دينا خيرا من النصرانية وكنت قد دنت بها ، ثم دخلت في دين محمد ، ثم رجعت إلى النصرانية ، فقلت : والله ما خير لك ، [ ص: 27 ] وأخبرته بالرؤيا التي رأيت له ، فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات ، فأري في النوم كأن آتيا يقول لي : يا أم المؤمنين ، ففزعت وأولتها أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يتزوجني ، قالت : فما هو إلا أن انقضت عدتي ، فما شعرت إلا برسول النجاشي على بابي يستأذن ، فإذا جارية له يقال لها : أبرهة كانت تقوم على ثيابه ودهنه ، فدخلت علي فقالت : إن الملك يقول لك : إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كتب إلي أن أزوجك ، فقلت : بشرك الله بخير ، وقالت : يقول لك الملك : وكلي من يزوجك ، فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته وأعطت أبرهة سوارين من فضة وخدمتين كانتا في رجليها وخواتيم فضة كانت في أصابع رجليها سرورا بما بشرتها به ، فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا فخطب النجاشي ، فقال : الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار ، الحمد لله حق حمده ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم - عليه الصلاة والسلام - .

                                                                                            أما بعد فإن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - كتب إلي أن أزوجه أم حبيبة بنت سفيان فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وقد أصدقتها أربعمائة دينار ، ثم سكب الدنانير بين يدي القوم ، فتكلم خالد بن سعيد فقال : الحمد لله أحمده وأستعينه وأستنصره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ( أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) .

                                                                                            أما بعد فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان فبارك الله لرسوله ، ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد فقبضها ، ثم أرادوا أن يقوموا ، فقال : اجلسوا فإن سنة الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - إذا تزوجوا أن يؤكل الطعام على التزويج ، فدعا بطعام فأكلوا ، ثم تفرقوا ، قالت أم حبيبة : فلما وصل إلي المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لها : إني كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدي وهذه خمسون مثقالا فخذيها فاستعيني بها ، فأخرجت إلي حقة فيها جميع ما أعطيتها فردته إلي وقالت : عزم علي الملك أن لا أرزأك شيئا وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه وقد اتبعت دين رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأسلمت لله ، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر ، فلما كان الغد جاءتني بعود وورس وعنبر وزباد كثير ، وقدمت بذلك كله على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وكان يراه علي وعندي فلا ينكر ، ثم قالت أبرهة : فحاجتي إليك أن [ ص: 28 ] تقرئي رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مني السلام وتعلميه أني قد اتبعت دينه ، قالت : ثم لطفت بي وكانت هي التي جهزتني ، وكانت كلما دخلت علي تقول : لا تنسي حاجتي إليك ، قالت : فلما قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أخبرته كيف كانت الخطبة وما فعلت بي أبرهة ، فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأقرأته منها السلام ، فقال : " وعليها السلام ورحمة الله وبركاته " .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية