الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قصع ]

                                                          قصع : القصعة : الضخمة تشبع العشرة ، والجمع قصاع وقصع . والقصع : ابتلاع جرع الماء والجرة . وقصع الماء قصعا : ابتلعه جرعا . وقصع الماء عطشه يقصعه قصعا وقصعه : سكنه وقتله . وقصع العطشان غلته بالماء إذا سكنها ، قال ذو الرمة يصف الوحش :


                                                          فانصاعت الحقب لم تقصع صرائرها وقد نشحن فلا ري ولا هيم



                                                          وسيف مقصل ومقصع : قطاع . والقصيع : الرحى . والقصع : قتل الصؤاب والقملة بين الظفرين . . وفي الحديث : نهى أن تقصع القملة بالنواة ، أي : تقتل . والقصع : الدلك بالظفر ، وإنما خص النواة ; لأنهم قد كانوا يأكلونها عند الضرورة . وقصع الغلام قصعا : ضربه ببسط كفه على رأسه ، وقصع هامته كذلك ، قالوا : والذي يفعل به ذلك لا يشب ولا يزداد . وغلام مقصوع وقصيع : كادي الشباب إذا كان قميئا لا يشب ولا يزداد ، وقد قصع وقصع قصاعة ، وجارية قصيعة ، بالهاء ، عن كراع كذلك ، وقصع الله شبابه : أكداه . ويقال للصبي إذا كان بطيء الشباب : قصيع يريدون أنه مردد الخلق بعضه إلى بعض فليس يطول . وقصع الجرة : شدة المضغ وضم الأسنان بعضها على بعض . وقصع البعير بجرته والناقة بجرتها يقصع قصعا : مضغها ، وقيل : هو بعد الدسع وقبل المضغ ، والدسع : أن تنزع الجرة من كرشها ثم القصع بعد ذلك والمضغ والإفاضة ، وقيل : هو أن يردها إلى جوفه ، وقيل : هو أن يخرجها ويملأ بها فاه . وفي الحديث : أنه خطبهم على راحلته وإنها لتقصع بجرتها ، قال أبو عبيد : قصع الجرة شدة المضغ وضم بعض الأسنان على بعض . أبو سعيد الضرير : قصع الناقة الجرة استقامة خروجها من الجوف إلى الشدق غير متقطعة ولا نزرة ومتابعة بعضها بعضا ، وإنما تفعل الناقة ذلك إذا كانت مطمئنة ساكنة لا تسير ، فإذا خافت شيئا قطعت الجرة ولم تخرجها ، قال : وأصل هذا من تقصيع اليربوع وهو إخراجه تراب جحره وقاصعائه ، فجعل هذه الجرة إذا دسعت بها الناقة بمنزلة التراب الذي يخرجه اليربوع من قاصعائه ، قال أبو عبيد : القصع ضمك الشيء على الشيء حتى تقتله أو تهشمه ، قال : ومنه قصع القملة . ابن الأنباري : دسع البعير بجرته وقصع بجرته وكظم بجرته إذا لم يجتر . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - : ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه فإذا أصابه شيء من دم قالت بريقها فقصعته ، قال ابن الأثير ، أي : مصعته ودلكته بظفرها ، ويروى مصعته بالميم . وقصع الجرح : شرق بالدم . وتقصع الدمل بالصديد إذا امتلأ منه وقصع مثله . ويقال : قصعته قصعا وقمعته قمعا بمعنى واحد . وقصع الرجل بيته إذا لزمه ولم يبرحه ، قال ابن الرقيات :


                                                          إني لأخلي لها الفراش ، إذا     قصع في حضن عرسه الفرق



                                                          والقصعة والقصعاء والقاصعاء : جحر يحفره اليربوع ، فإذا فرغ ودخل فيه سد فمه لئلا يدخل عليه حية أو دابة ، وقيل : هي باب جحره ينقبه بعد الداماء في مواضع أخر ، وقيل : القاصعاء والقصعة فم جحر اليربوع أول ما يبتدئ في حفره ، ومأخذه من القصع وهو ضم الشيء على الشيء ، وقيل : قاصعاؤه تراب يسد به باب الجحر ، والجمع قواصع ، شبهوا فاعلاء بفاعلة وجعلوا ألفي التأنيث بمنزلة الهاء . وقصع الضب : سد باب جحره ، وقيل : كل ساد مقصع . [ ص: 123 ] وقصع الضب أيضا : دخل في قاصعائه ، واستعاره بعضهم للشيطان ، فقال :


                                                          إذا الشيطان قصع في قفاها     تنفقناه بالحبل التؤام



                                                          قوله تنفقناه ، أي : استخرجناه كاستخراج الضب من نافقائه . ابن الأعرابي : قصعة اليربوع وقاصعاؤه أن يحفر حفيرة ثم يسد بابها ، قال الفرزدق يهجو جريرا :


                                                          وإذا أخذت بقاصعائك لم تجد     أحدا يعينك غير من يتقصع



                                                          يقول : إنما أنت في ضعفك إذا قصدت لك كبني يربوع لا يعينك إلا ضعيف مثلك ، وإنما شبههم بهذا ; لأنه عنى جريرا وهو من بني يربوع . وقصع الزرع تقصيعا ، أي : خرج من الأرض ، قال : وإذا صار له شعب قيل : قد شعب . وقصع أول القوم من نقب الجبل إذا طلعوا ، وقصعت الرجل قصعا : صغرته وحقرته . وفي حديث مجاهد : كان نفس آدم - عليه السلام - قد آذى أهل السماء فقصعه الله قصعة فاطمأن ، أي : دفعه وكسره . وفي حديث الزبرقان : أبغض صبياننا إلينا الأقيصع الكمرة وهو تصغير الأقصع وهو القصير القلفة فيكون طرف كمرته باديا ، وروى الأقيعس الذكر .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية