الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 99 ] 668 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : " ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء " ، ومن قوله : " لكل أمة فتنة ، وفتنة أمتي المال "

4322 - ، حدثنا يزيد بن سنان ، حدثنا يوسف بن يعقوب السدوسي صاحب السلعة ( ح ) وحدثنا محمد بن بحر بن مطر ، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ( ح ) وحدثنا عبد الرحمن بن الجارود البغدادي ، حدثنا هوذة بن خليفة البكراوي قالوا : حدثنا سليمان التيمي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء .

[ ص: 100 ]

4323 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا مسدد ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، عن أبي عثمان ، عن أسامة بن زيد وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مثله .

4324 - وحدثنا عبد الرحمن بن الجارود ، حدثنا عارم ومسدد قالا : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، ثم ذكر بإسناده مثله .

[ ص: 101 ] فقال قائل : ففي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد ذكرتموه عنه فيه ، وقد رويتم عنه ما يخالف ذلك

4325 - فذكر ما قد حدثنا يونس ، أخبرني ابن وهب ، أخبرني معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه ، عن كعب بن عياض ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : لكل أمة فتنة ، وفتنة أمتي المال .

قال : ففي هذا الحديث أن فتنة أمته المال ، فكيف يجوز أن تكون فتنة النساء أعظم من ذلك ؟

فكان جوابنا له في ذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم : " ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من فتنة النساء " هو على الفتنة التي تلحق الرجال دون النساء ، وفي ذلك ما قد دل أنه قد ترك صلى الله عليه وسلم في أمته فتنا سوى النساء ، وكان قوله صلى الله عليه وسلم : " فتنة أمتي المال " على فتنة تعم الرجال والنساء من أمته ، فكانت تلك الفتنة أوسع وأكثر أهلا من الفتنة الأخرى ، وكل واحدة منهما فأهلها الأهل الذين قد دل كل واحد من هذين الحديثين [ ص: 102 ] عليهم من هم ، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم من تحذيره من فتنة الدنيا ومن فتنة النساء .

4326 - ما قد حدثنا أبو أمية ، حدثنا عثمان بن عمر بن فارس ، حدثنا شعبة ، عن أبي مسلمة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدنيا حلوة خضرة ، وإن الله عز وجل مستخلفكم فيها ، فينظر كيف تعملون ، فاتقوا فتنة الدنيا وفتنة النساء ; فإن أول فتنة بني إسرائيل بالنساء .

فكان في هذا الحديث ذكره فتنة النساء التي ذكرها في حديث أبي عثمان النهدي ، وذكر فتنة الدنيا ، وفيها الفتنة بالمال المذكورة في حديث كعب بن عياض ، والفتن بما سوى ذلك . والله الموفق .

التالي السابق


الخدمات العلمية