الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      ما جاء فيمن قتل رجلا وله أولياء فمات أحد الأولياء

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن رجلا قتل رجلا عمدا - وله أولياء - فقاموا على القاتل ليقتلوه فلم يقتلوه حتى مات واحد من ورثة المقتول وكان القاتل وارثه ، أيكون لهم أن يقتلوه أم لا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ليس لهم أن يقتلوه في رأيي ; لأن مالكا قال لي : إذا مات وارث المقتول الذي له القيام بالدم ، فورثته مكانه يجوز عفوهم ، ولهم أن يقتلوه بمنزلة ما كان لصاحبهم الذي ورثوه . فهذا القاتل إذا كان هو وارث الميت الذي له القصاص فقد بطل القصاص في رأيي ، ووجب عليه لأصحابه حظوظهم من الدية ; لأنهم لم يعفوا على مال فيقول هذا القاتل لا أقبل عفوكم على مال فلا يجب عليه المال ، ولكنه لما وقع له في دم نفسه مورث لم يستطيعوا القصاص منه ، فصار عليه حظوظهم من الدية ، وكان بمنزلة من عفا فيقضى لشركائه بحظوظهم من الدية . قلت : أرأيت هذا الذي مات من ولاة الدم ، إن كان ورثته رجالا ونساء ، أيكون للنساء - في قول مالك - في العفو عن الدم شيء أم لا ؟ قال : نعم ، يكون لهن العفو هاهنا لأن مالكا قال : لورثة ولي الدم إذا مات ما كان لولي الدم ، وإنما ورث النساء والرجال ما كان لصاحبهم وقد كان لصاحبهم أن يقتل أو يعفو ، فذلك لهم لرجالهم ونسائهم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية