الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في تمرة العجوة

                                                                      3875 حدثنا إسحق بن إسمعيل حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن سعد قال مرضت مرضا أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي فقال إنك رجل مفئود ائت الحارث بن كلدة أخا ثقيف فإنه رجل يتطبب فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهن بنواهن ثم ليلدك بهن [ ص: 285 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 285 ] 12 - باب في تمرة العجوة

                                                                      بفتح العين وسكون الجيم نوع من التمر الجياد في المدينة .

                                                                      ( عن مجاهد ) وهو ابن جبر قاله المنذري ( عن سعد ) وهو ابن أبي وقاص قاله المنذري . ( مرضت مرضا ) أي : شديدا وكان بمكة عام الفتح ( يعودني ) حال أو استئناف بيان ( فوضع ) النبي - صلى الله عليه وسلم - ( بردها ) أي : برد يده ( في فؤادي ) أي : قلبي والظاهر أن محله كان مكشوفا ( مفئود ) اسم مفعول مأخوذ من الفؤاد وهو الذي أصابه داء في فؤاده وأهل اللغة يقولون : الفؤاد هو القلب وقيل : هو غشاء القلب أو كان مصدورا فكنى بالفؤاد عن الصدر لأنه محله قاله القاري ( ائت ) أمر من أتى يأتي ومفعوله ( الحارث بن كلدة ) بفتح الكاف واللام والدال المهملة ( أخا ثقيف ) أي : أحدا من بني ثقيف ونصبه على أنه بدل أو عطف بيان ( فإنه رجل يتطبب ) أي : يعرف الطب مطلقا أو هذا النوع من المرض فيكون مخصوصا بالمهارة والحذاقة ( فليأخذ ) أي : الحارث ( سبع تمرات ) بفتحات ( من عجوة المدينة ) قال القاضي : هو ضرب من أجود التمر بالمدينة ونخلها يسمى لينة قال تعالى : ما قطعتم من لينة وتخصيص المدينة إما لما فيها من البركة التي جعلت فيها بدعائه أو [ ص: 286 ] لأن تمرها أوفق لمزاجه من أجل تعوده قاله القاري ( فليجأهن ) بفتح الجيم وسكون الهمزة أي : فليكسرهن وليدقهن قاله القاري .

                                                                      وقال في النهاية : فليجأهن أي فليدقهن وبه سميت الوجيئة وهو تمر يبل بلبن أو سمن ثم يدق حتى يلتئم انتهى . وقال الخطابي : الوجيئة حساء يتخذ من التمر والدقيق فيتحساه المريض ( بنواهن ) أي : معها وبالفارسية خسته خرما ( ثم ليلدك بهن ) من اللدود وهو صب الدواء في الفم أي : ليجعله في الماء ويسقيك .

                                                                      قال الخطابي : فإنه من اللدود وهو ما يسقاه الإنسان في أحد جانبي الفم وأخذ من اللديدين وهو جانبي الوادي انتهى . قال القاري : قوله : ثم ليلدك بكسر اللام ويسكن وبفتح الياء وضم اللام وتشديد الدال المفتوحة أي : ليسقيك من لدة الدواء إذا صبه في فمه واللدود بفتح أوله ما يصب من الأدوية في أحد شقي الفم وإنما قال ذلك لأنه وجده على حالة من المرض لم يكن يسهل له تناول الدواء إلا على تلك الهيئة أو علم أن تناوله على تلك الهيئة أنجح وأنفع وأيسر وأليق وإنما أمر الطبيب بذلك لأنه يكون أعلم باتخاذ الدواء وكيفية استعماله انتهى .

                                                                      قال المنذري : قال أبو حاتم الرازي : مجاهد لم يدرك سعدا إنما يروي عن مصعب بن سعد عن سعد . وقال أبو زرعة الرازي : مجاهد عن سعد مرسل .




                                                                      الخدمات العلمية