الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قعع ]

                                                          قعع : القعاع : ماء مر غليظ . ماء قع وقعاع : مر غليظ ، وقيل : هو الذي لا أشد ملوحة منه تحترق منه أجواف الإبل ، الواحد والجمع فيه سواء . قال ابن بري : ماء قعاع وزعاق وحراق ، وليس بعد الحراق شيء ، وهو الذي يحرق أوبار الإبل ، والأجاج الملح المر أيضا . وأقع القوم إقعاعا إذا أنبطوه . يقال : أقع أي أنبط ماء قعاعا . وأقعت البئر : جاءت بهذا الضرب من الماء ، ومياه الإملاحات كلها قعاع . والقعقعة : حكاية أصوات السلاح والترسة والجلود اليابسة والحجارة والرعد والبكرة والحلي ونحوها ، قال النابغة :


                                                          يسهد من ليل التمام سليمها لحلي النساء في يديه قعاقع



                                                          وذلك أن الملدوغ يوضع في يديه شيء من الحلي لئلا ينام فيدب السم في جسده فيقتله . وتقعقع الشيء : اضطرب وتحرك . وقعقعت القارورة وزعزعتها إذا أرغت نزع صمامها من رأسها . وقعقعته وقعقعت به : حركته . وفي حديث أم سلمة : قعقعوا لك بالسلاح فطار سلاحك . وفي المثل : فلان لا يقعقع له بالشنان أي لا يخدع ولا يروع ، وأصله من تحريك الجلد اليابس للبعير ليفزع ، أنشد سيبويه للنابغة :


                                                          كأنك من جمال بني أقيش     يقعقع خلف رجليه بشن



                                                          أراد كأنك جمل فحذف الموصوف وأبقى الصفة كما قال :


                                                          لو قلت ما في قومها لم تيثم     يفضلها في حسب وميسم



                                                          أراد من يفضلها فحذف الموصول وأبقى الصلة . والتقعقع : التحرك .

                                                          [ ص: 155 ] وقال بعض الطائيين : يقال قع فلان فلانا يقعه قعا إذا اجترأ عليه بالكلام . وتقعقع الشيء : صوت عند التحريك . وقعقعته قعقعة وقعقاعا : حركته ، والاسم القعقاع ، بالفتح . قال ابن الأعرابي : القعقعة والعقعقة والشخشخة والخشخشة والخفخفة والفخفخة والنشنشة والشنشنة ، كله : حركة القرطاس والثوب الجديد . وفي الحديث : أن ابنا لبنت النبي - صلى الله عليه وسلم - حضر فدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - فجيء بالصبي ونفسه تقعقع أي تضطرب ، قال خالد بن جنبة : معنى قوله نفسه تقعقع أي كلما صدرت إلى حال لم تلبث أن تصير إلى حال أخرى تقربه من الموت لا تثبت على حال واحدة . وفي الحديث : آخذ بحلقة الجنة فأقعقعها أي أحركها . والقعقعة : حكاية حركة لشيء يسمع له صوت ، ومنه حديث أبي الدرداء : شر النساء السلفعة التي تسمع لأسنانها قعقعة . ورجل قعقاع وقعقعاني : تسمع لمفاصل رجليه تقعقعا إذا مشى ، وكذلك العير إذا حمل على العانة وتقعقع لحياه يقال له قعقعاني . وحمار قعقعاني الصوت ، بالضم ، أي شديد الصوت ، في صوته قعقعة ، قال رؤبة :


                                                          شاحي لحيي قعقعاني الصلق     قعقعة المحور خطاف العلق



                                                          والأسد ذو قعاقع أي إذا مشى سمعت لمفاصله قعقعة . والقعقعة : تتابع صوت الرعد في شدة ، وجمعه القعاقع . ورجل قعاقع : كثير الصوت ، حكاه ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          وقمت أدعو خالدا ورافعا     جلد القوى ذا مرة قعاقعا



                                                          وتقعقع بنا الزمان تقعقعا : وذلك من قلة الخير وجور السلطان وضيق السعر . والمقعقع : الذي يجيل القداح في الميسر ، قال كثير يصف ناقته :


                                                          وتعرف إن ضلت فتهدى لربها     لموضع آلات من الطلح أربع
                                                          وتؤبن من نص الهواجر والضحى     بقدحين فازا من قداح المقعقع
                                                          عليها ولما يبلغا كل جهدها     وقد أشعراها في أظل ومدمع



                                                          الآلات : خشبات تبنى عليها الخيمة ، وتؤبن أي تتهم وتزن ، يقول : هزلت فكأنها ضرب عليها بالقداح فخرج المعلى والرقيب فأخذا لحمها كله ، ثم قال : ولما يبلغا كل جهدها أي وفيها بقية . وقوله : قد أشعراها أي وهذان القدحان قد اتصل عملهما بالأظل حتى دمي فنقب وبالعين حتى دمعت من الإعياء ، والضمير في أشعراها يعود على الهواجر ، والسرى على ما قاله ابن بري إن الذي وقع في شعر كثير : نص الهواجر والسرى ، قال : وأصله من إشعار البدنة ، وهو طعنها في أصل سنامها بحديدة ، قال ابن بري : يقول أثر قوائم هذه الناقة في الأرض إذا بركت كأثر عيدان من الطلح فيستدل عليها بهذه الآثار ، وقد نسب الأزهري قوله :


                                                          بقدحين فازا من قداح المقعقع



                                                          إلى ابن مقبل . ويقال للمهزول : صار عظاما يتقعقع من هزاله . وكل شيء يسمع عند دقه صوت واحد فإنك لا تقول تقعقع ، وإذا قلت لمثل الأدم اليابسة والسلاح ولها أصوات قلت تتقعقع ، قال الأزهري : وقول النابغة :


                                                          يقعقع خلف رجليه بشن



                                                          يخالف هذا القول لأن الشن من الأدم وقد تقدم . وقعقع في الأرض أي ذهب . وتمر قعقاع أي يابس ، قال الأزهري : سمعت البحرانيين يقولون للقسب إذا يبس وتقعقع : تمر سح وتمر قعقاع . والقعقاع : الحمى النافض تقعقع الأضراس ، قال مزرد أخو الشماخ :


                                                          إذا ذكرت سلمى على النأي عادني     ثلاجي قعقاع من الورد مردم



                                                          ويقال للقوم إذا كانوا نزولا ببلد فاحتملوا عنه : قد تقعقعت عمدهم أي ارتحلوا ، قال جرير :


                                                          تقعقع نحو أرضكم عمادي



                                                          وفي المثل : من يجتمع تتقعقع عمده ، كما يقال : إذا تم أمر دنا نقصه ، ومعنى من يجتمع تتقعقع عمده أي من غبط بكثرة العدد واتساق الأمر فهو بعرض الزوال والانتشار ، وهذا كقول لبيد يصف تغير الزمان بأهله :


                                                          إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا     يوما يصيروا للهلك والنكد



                                                          والقعقع ، بالضم : طائر أبلق فيه سواد وبياض ضخم طويل المنقار وهو من طير البر ، والقعقعة صوته . والقعقع ، بضم القافين : العقعق . وقعيقعان : جبل ، وقيل : موضع بمكة كانت فيه حرب بين قبيلتين من قريش ، وهو اسم معرفة ، سمي بذلك لقعقعة السلاح الذي كان به ، وقيل : سمي بذلك لأن جرهما كانت تجعل قسيها وجعابها ودرقها فيه فكانت تقعقع وتصوت ، قال ابن بري : وسمي بذلك لأنه موضع سلاح تبع كما سمي الجبل الذي كان موضع خيله أجيادا . وقعيقعان أيضا : جبل بالأهواز في حجارته رخاوة تنحت منه الأساطين ، ومنه نحتت أساطين مسجد البصرة . وطريق قعقاع ومتقعقع : لا يسلك إلا بمشقة وذلك إذا بعد واحتاج السابل فيه إلى الجد ، وسمي قعقاعا لأنه يقعقع الركاب ويتعبها ، قال ابن مقبل يصف ناقة :


                                                          عمل قوائمها على متقعقع     عتب المراقب خارج متنشر



                                                          وقرب قعقاع : شديد لا اضطراب فيه ولا فتور ، وكذلك خمس قعقاع وحثحاث إذا كان بعيدا والسير فيه متعبا لا وتيرة فيه أي لا فتور فيه ، وسير قعقاع . والقعقاع : طريق يأخذ من اليمامة إلى الكوفة ، وقيل إلى مكة ، معروف . وقعقاع : اسم رجل ، قال :


                                                          وكنت جليس قعقاع بن شور     ولا يشقى بقعقاع جليس



                                                          وبالشريف من بلاد قيس مواضع يقال لها القعاقع . وقال الأصمعي : إذا طردت الثور قلت له : قع قع ، وإذا زجرته قلت له : وح وح ، وقد قعقعت بالثور قعقعة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية