الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7745 ) مسألة ; قال : ( وإذا ند بعير ، فلم يقدر عليه ، فرماه بسهم أو نحوه ، مما يسيل به دمه ، فقتله ، أكل ) وكذلك إن تردى في بئر ، فلم يقدر على تذكيته ، فجرحه في أي موضع قدر عليه ، فقتله ، أكل ، إلا أن تكون رأسه [ ص: 311 ] في الماء ، فلا يؤكل ; لأن الماء يعين على قتله . هذا قول أكثر الفقهاء .

                                                                                                                                            روي ذلك عن علي ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس ، وعائشة رضي الله عنهم وبه قال مسروق ، والأسود ، والحسن ، وعطاء ، وطاوس ، وإسحاق ، والشعبي ، والحكم ، وحماد ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور .

                                                                                                                                            وقال مالك : لا يجوز أكله إلا أن يذكى . وهو قول ربيعة ، والليث . قال أحمد : لعل مالكا لم يسمع حديث رافع بن خديج . واحتج لمالك بأن الحيوان الإنسي إذا توحش لم يثبت له حكم الوحشي ، بدليل أنه لا يجب على المحرم الجزاء بقتله ، ولا يصير الحمار الأهلي مباحا إذا توحش .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى رافع بن خديج ، قال { : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فند بعير ، وكان في القوم خيل يسيرة ، فطلبوه فأعياهم ، فأهوى إليه رجل بسهم ، فحبسه الله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش ، فما غلبكم منها ، فاصنعوا به هكذا } . وفي لفظ { : فما ند عليكم ، فاصنعوا به هكذا } . متفق عليه .

                                                                                                                                            وحرب ثور في بعض دور الأنصار ، فضربه رجل بالسيف ، وذكر اسم الله عليه ، فسئل عنه علي فقال ذكاة وحية . فأمرهم بأكله . وتردى بعير في بئر ، فذكي من قبل شاكلته ، فبيع بعشرين درهما ، فأخذ ابن عمر عشره بدرهمين .

                                                                                                                                            ولأن الاعتبار في الذكاة بحال الحيوان وقت ذبحه ، لا بأصله ، بدليل الوحشي إذا قدر عليه وجبت تذكيته في الحلق واللبة ، فكذلك الأهلي إذا توحش يعتبر بحاله . وبهذا فارق ما ذكروه ، فإذا تردى فلم يقدر على تذكيته ، فهو معجوز عن تذكيته ، فأشبه الوحشي ، فأما إن كان رأس المتردي في الماء ، لم يبح ; لأن الماء يعين على قتله ، فيحصل قتله بمبيح وحاظر ، فيحرم ، كما لو جرحه مسلم ومجوسي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية