الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب منه

                                                                                                          3511 حدثنا إبراهيم بن يعقوب حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عمر بن أبي سلمة عن أمه أم سلمة عن أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك احتسبت مصيبتي فأجرني فيها وأبدلني منها خيرا فلما احتضر أبو سلمة قال اللهم اخلف في أهلي خيرا مني فلما قبض قالت أم سلمة إنا لله وإنا إليه راجعون عند الله احتسبت مصيبتي فأجرني فيها قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وروي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو سلمة اسمه عبد الله بن عبد الأسد

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا عمرو بن عاصم ) بن عبيد الله الكلابي ( عن ثابت ) البناني ( عن عمر بن أبي [ ص: 346 ] سلمة ) هو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " إنا لله " أي ملكا وخلقا ( وإنا إليه راجعون ) أي في الآخرة ( اللهم عندك أحتسب مصيبتي ) قال الجزري في النهاية : الاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسب ؛ لأن له حينئذ أن يعتد عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به ، والحسبة اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد وهو الاحتساب في الأعمال الصالحة ، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر وباستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها ( فأجرني ) بسكون الهمزة وضم الجيم وبالمد وكسر الجيم قال في النهاية : آجره يؤجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء وكذلك أجره يأجره والأمر منهما آجرني ( وأبدلني منها ) أي من مصيبتي ( خيرا ) مفعول ثان لأبدلني ( فلما احتضر أبو سلمة ) بصيغة المجهول أي دنا موته ، يقال حضر فلان واحتضر إذا دنا موته ( قال اللهم اخلف في أهلي خيرا مني ) قال خلف الله لك خلفا بخير وأخلف عليك خيرا أي أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه ، وقيل إذا ذهب للرجل ما يخلفه مثل المال والولد قيل أخلف الله لك وعليك ، وإذا ذهب له ما لا يخلفه غالبا كالأب والأم قيل خلف الله عليك ، وقد يقال خلف الله عليك إذا مات لك ميت أي كان الله خليفة عليك وأخلف الله عليك أي أبدلك كذا في النهاية ( فلما قبض ) أي قبض روحه ومات . قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) وأخرجه ابن ماجه ( وروي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة ( وأبو سلمة اسمه عبد الله بن عبد الأسد ) بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وابن عمته برة بنت عبد المطلب كان من السابقين شهد بدرا ومات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، مات في جمادى الآخرة سنة أربع بعد أحد فتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعده بزوجته أم سلمة .

                                                                                                          [ ص: 347 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية