الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7765 ) مسألة ; قال : ( وإذا ذبحها من قفاها ، وهو مخطئ ، فأتت السكين على موضع ذبحها ، وهي في الحياة ، أكلت ) قال القاضي : معنى الخطأ أن تلتوي الذبيحة عليه ، فتأتي السكين على القفا ; لأنها مع التوائها معجوز عن ذبحها ، فسقط اعتبار المحل ، كالمتردية في بئر ، فأما مع عدم التوائها ، فلا تباح بذلك ; لأن الجرح في القفا سبب للزهوق ، وهو في [ ص: 319 ] غير محل الذبح ، فإذا اجتمع مع الذبح ، منع حله ، كما لو بقر بطنها .

                                                                                                                                            وقد روي عن أحمد ، ما يدل على هذا المعنى ، فإن الفضل بن زياد قال : سألت أبا عبد الله عن من ذبح في القفا ؟ قال : عامدا أو غير عامد ؟ قلت : عامدا . قال : لا تؤكل ، فإذا كان غير عامد ، كأن التوى عليه ، فلا بأس .

                                                                                                                                            ( 7766 ) فصل : فإن ذبحها من قفاها اختيارا ، فقد ذكرنا عن أحمد ، أنها لا تؤكل . وهو مفهوم كلام الخرقي . وحكي هذا عن علي ، وسعيد بن المسيب ، ومالك ، وإسحاق . قال إبراهيم النخعي : تسمى هذه الذبيحة القفينة .

                                                                                                                                            وقال القاضي : إن بقيت فيها حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم والمريء حلت ، وإلا فلا ، ويعتبر ذلك بالحركة القوية . وهذا مذهب الشافعي . وهذا أصح ; لأن الذبح إذا أتى على ما فيه حياة مستقرة ، أحله ، كأكيلة السبع ، والمتردية والنطيحة . ولو ضرب عنقها بالسيف فأطار رأسها ، حلت بذلك . نص عليه أحمد ، فقال : لو أن رجلا ضرب رأس بطة أو شاة بالسيف ، يريد بذلك الذبيحة ، كان له أن يأكله .

                                                                                                                                            وروي عن علي ، رضي الله عنه ، أنه قال : تلك ذكاة وحية . وأفتى بأكلها عمران بن حصين . وبه قال الشعبي ، وأبو حنيفة ، والثوري .

                                                                                                                                            وقال أبو بكر لأبي عبد الله فيها قولان . والصحيح أنها مباحة ; لأنه اجتمع قطع ما تبقى الحياة معه مع الذبح ، فأبيح ، كما ذكرنا مع قول من ذكرنا قوله من الصحابة من غير مخالف .

                                                                                                                                            ( 7767 ) فصل : فإن ذبحها من قفاها ، فلم يعلم هل كانت فيها حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم والمريء أو لا ؟ نظرت ; فإن كان الغالب بقاء ذلك ، لحدة الآلة ، وسرعة القتل ، فالأولى إباحته ; لأنه بمنزلة ما قطعت عنقه بضربة السيف ، وإن كانت الآلة كالة ، وأبطأ قطعه ، وطال تعذيبه ، لم يبح ; لأنه مشكوك في وجود ما يحله ، فيحرم ، كما لو أرسل كلبه على الصيد ، فوجد معه كلبا آخر لا يعرفه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية