الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قلس ]

                                                          قلس : القلس : أن يبلغ الطعام إلى الحلق ملء الحلق أو دونه ثم يرجع إلى الجوف ، وقيل : هو القيء ، وقيل : هو القذف بالطعام وغيره ، وقيل : هو ما يخرج إلى الفم من الطعام والشراب ، والجمع أقلاس ، قال رؤبة :


                                                          إن كنت من دائك ذا أقلاس فاستسقين بثمر القسقاس



                                                          الليث : القلس ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه وليس بقيء ، فإذا غلب فهو القيء ، ويقال :

                                                          قلس الرجل يقلس قلسا ، وهو خروج القلس من حلقه . أبو زيد : قلس الرجل قلسا ، وهو ما خرج من البطن من الطعام أو الشراب إلى الفم أعاده صاحبه أو ألقاه ، وهو قالس . وفي الحديث : من قاء أو قلس فليتوضأ ، القلس بالتحريك ، وقيل بالسكون من ذلك . وقد قلس يقلس قلسا وقلسانا فهو قالس . وقلست الكأس إذا قذفت بالشراب لشدة الامتلاء ، قال أبو الجراح في أبي الحسن الكسائي :


                                                          أبا حسن ما زرتكم منذ سنبة     من الدهر إلا والزجاجة تقلس
                                                          كريم إلى جنب الخوان وزوره     يحيا بأهلا مرحبا ثم يجلس



                                                          وقلس الإناء يقلس إذا فاض ، وقال عمر بن لجأ :


                                                          وامتلأ الصمان ماء قلسا     يمعسن بالماء الجواء معسا



                                                          وقلس السحاب قلسا وهو مثل القلس الأول . والسحابة تقلس الندى إذا رمت به من غير مطر شديد ; وأنشد :


                                                          ندى الرمل مجته العهاد القوالس



                                                          ابن الأعرابي : القلس الشرب الكثير من النبيذ ، والقلس الغناء الجيد ، والقلس الرقص في غناء . وقلست النحل العسل تقلسه قلسا : مجته . والقليس : العسل ، والقليس أيضا : النحل ، قال الأفوه :


                                                          من دونها الطير ومن فوقها     هفاهف الريح كجث القليس

                                                          والقلس والتقليس : الضرب بالدف والغناء . والمقلس : الذي يلعب بين يدي الأمير إذا قدم المصر ، قال الكميت يصف دبا أو ثور وحش :


                                                          فرد تغنيه ذبان الرياض كما     غنى المقلس بطريقا بأسوار



                                                          أراد مع أسوار ، وقال أبو الجراح : التقليس استقبال الولاة عند قدومهم بأصناف اللهو ، قال الكميت يصف ثورا طعن في الكلاب فتبعه الذباب لما في قرنه من الدم :


                                                          ثم استمر تغنيه الذباب كما     غنى المقلس بطريقا بمزمار



                                                          وقال الشاعر :


                                                          ضرب المقلس جنب الدف للعجم



                                                          ومنه حديث عمر رضي الله عنه لما قدم الشأم : لقيه المقلسون بالسيوف والريحان . والقلس : حبل ضخم من ليف أو خوص ، قال ابن دريد : لا أدري ما صحته ، وقيل : هو حبل غليظ من حبال السفن . والتقليس : ضرب اليدين على الصدر خضوعا . والتقليس : [ ص: 175 ] السجود . وفي الحديث : لما رأوه قلسوا له ، التقليس : التكفير ، وهو وضع اليدين على الصدر والانحناء خضوعا واستكانة . أحمد بن الحريش : التقليس هو رفع الصوت بالدعاء والقراءة والغناء . وفي الحديث ذكر قالس ، بكسر اللام : موضع أقطعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، له ذكر في حديث عمرو بن حزم . والقليس بالتشديد مثال القبيط : بيعة للحبش كانت بصنعاء بناها أبرهة وهدمتها حمير . وفي التهذيب : القليسة بيعة كانت بصنعاء للحبشة . الليث : التقليس وضع اليدين على الصدر خضوعا ، كما تفعل النصارى أي قبل أن تسجد ، قال : وجاء في خبر لما رأوه قلسوا أي سجدوا . والقلسوة والقلساة والقلنسوة والقلنسية والقلنساة والقلنيسة : من ملابس الرءوس معروف ، والواو في قلنسوة للزيادة غير الإلحاق وغير المعنى ، أما الإلحاق فليس في الأسماء مثل فعللة ، وأما المعنى فليس في قلنسوة أكثر مما في قلساة ، وجمع القلنسوة والقلنسية والقلنساة قلانس وقلاس وقلنس ، قال :


                                                          لا مهل حتى تلحقي بعنس     أهل الرياط البيض والقلنسي



                                                          وقلنسى ، وكذلك روى ثعلب هذا البيت للعجير السلولي :

                                                          إذا ما القلنسى والعمائم أجلهت     ففيهن عن صلع الرجال حسور



                                                          قال : وكلاهما من باب طلحة وطلح وسرحة وسرح . قوله : أجلهت نزعت عن الجلهة . والجلهة : الذي انحسر الشعر منه عن الرأس ، وهو أكثر من الجلح ، والضمير في قوله : فيهن ، يعود على نساء ، يقول : إن القلاسي والعمائم إذا نزعت عن رءوس الرجال فبدا صلعهم ففي النساء عنهم حسور أي فتور . وقد قلسيته فتقلسى وتقلنس وتقلس أي ألبسته القلنسوة فلبسها ، قال : وقد حد فقيل : إذا فتحت القاف ضممت السين ، وإن ضممت القاف كسرت السين وقلبت الواو ياء ، فإذا جمعت أو صغرت فأنت بالخيار ; لأن فيه زيادتين الواو والنون ، فإن شئت حذفت الواو فقلت : قلانس ، وإن شئت حذفت النون فقلت : قلاس ، وإنما حذفت الواو لاجتماع الساكنين ، وإن شئت عوضت فيهما وقلت : قلانيس وقلاسي ، الجوهري : وتقول في التصغير : قلينسة ، وإن شئت : قليسة ، ولك أن تعوض فيهما فتقول : قلينيسة وقليسية ، بتشديد الياء الأخيرة ، وإن جمعت القلنسوة بحذف الهاء ، قلت : قلنس ، وأصله : قلنسو ، إلا أنك رفضت الواو ؛ لأنه ليس في الأسماء اسم آخره حرف علة وقبلها ضمة ، فإذا أدى إلى ذلك قياس وجب أن يرفض ويبدل من الضمة كسرة ، فيصير آخر الاسم ياء مكسورا ما قبلها ، وذلك يوجب كونه بمنزلة قاض وغاز في التنوين ، وكذلك القول في أحق وأدل جمع حقو ودلو ، وأشباه ذلك فقس عليه ، وقد قلسيته فتقلسى ، قال ابن سيده : وأما جمع القلنسية فقلاس ، قال : وعندي أن القلنسية ليست بلغة ، كما اعتدها أبو عبيد إنما هي تصغير أحد هذه الأشياء ، وجمع القلساة قلاس لا غير ، قال : ولم نسمع فيها قلسى كعلقى ، والقلاس : صانعها ، وقد تقلنس وتقلسى أقروا النون وإن كانت زائدة ، وأقروا أيضا الواو حتى قلبوها ياء . وقلسى الرجل : ألبسه إياها عن السيرافي . والتقليس : لبس القلنسوة . وبحر قلاس أي يقذف بالزبد .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية