الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 252 ] 683 - باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوابه الأعراب حين سألوه : ما خير ما أعطي العبد ؟ بقوله لهم : " خلق حسن "

4423 - حدثنا يونس ، ثنا سفيان ، عن زياد بن علاقة ، عن أسامة بن شريك قال : شهدت النبي صلى الله عليه وسلم والأعراب يسألونه : ما خير ما أعطي العبد ؟ قال : " خلق حسن .

[ ص: 253 ]

4424 - وحدثنا إبراهيم بن أبي داود ، حدثنا سليمان بن حرب ، حدثنا شعبة ، عن زياد بن علاقة ، فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : قيل : يا رسول الله ، ولم يذكر سؤال الأعراب إياه .

فقال قائل منكرا لهذا الحديث : فقد وجدنا العبد يعطى الإيمان ، أفيجوز أن يكون حسن الخلق خيرا منه ؟ !

فكان جوابنا له أن حسن الخلق قد يقع على أشياء مختلفة ، منها لين العريكة ، ومنها السجية التي يحمدها بعض الناس من بعض ، ومنها الدين ، ومنها قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : وإنك لعلى خلق عظيم ، أي : على دين عظيم .

.

كما حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا الفريابي ، حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن إبراهيم بن أبي بكر ، عن مجاهد وإنك لعلى خلق عظيم ، أي : على الدين [ ص: 254 ] وأهل العربية يميلون إلى هذا التأويل ، منهم الفراء ، فكان معنى الخلق الذي جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم خير ما أعطي العبد هو الدين الحسن .

وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم مما يدخل في هذا الباب .

4425 - ما قد حدثنا محمد أبو أمية ، ثنا محمد بن سعيد ابن الأصبهاني ، حدثنا حفص بن غياث ، عن عاصم ، عن عوسجة ، [ عن عبد الله بن أبي الهذيل ] ، عن عبد الله بن مسعود قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم أحسنت خلقي ، فأحسن خلقي ، ومعناه عندنا - والله أعلم - : فأحسن ديني .

[ ص: 255 ] وروي عنه صلى الله عليه وسلم مما يدخل فيه .

4426 - ما قد حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا شريك .

وما قد حدثنا الحسن بن عبد الله البالسي ، حدثنا الهيثم بن جميل ، حدثنا شريك ، ثم اجتمعا ، فقالا : عن خلف بن حوشب ، عن ميمون بن مهران قال : قلت لأم الدرداء : هل تحفظين عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : نعم ، سمعته يقول : أثقل ما يوضع في الميزان الخلق الحسن ، فكان [ ص: 256 ] ذلك عندنا - والله أعلم - على الدين الحسن .

وروي عنه أيضا مما يدخل فيه .

4427 - ما قد حدثنا يونس ، حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، حدثني الليث بن سعد ، عن ابن الهاد ، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب ، عن المطلب بن عبد الله ، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل وصائم النهار [ ص: 257 ] فكان ذلك عندنا - والله أعلم - أنه يدرك بحسن دينه وإن لم يكن معه فيه قيام الليل ، ولا صيام النهار ، ما يدركه قائم الليل وصائم النهار بقيام الليل وصيام النهار .

وروي عنه أيضا مما يدخل في هذا المعنى .

4428 - ما قد حدثنا عبد الله بن محمد بن خشيش البصري ، حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، حدثنا شعبة ، حدثنا القاسم بن أبي بزة قال : سمعت عطاء الكيخاراني يحدث عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ، فذلك عندنا - والله أعلم - على حسن الدين .

[ ص: 258 ] وروي عنه مما يدخل في هذا المعنى أيضا .

4429 - ما قد حدثنا ابن أبي داود ، حدثنا يوسف الصفار ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه وعمه ، عن أبيهما ، عن أبي هريرة قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : بأي شيء أكثر ما يدخل [ ص: 259 ] الناس الجنة ؟ قال : " بحسن الخلق ، وبتقوى الله ، قال : وسئل : بأي شيء أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال : " بالأجوفين ; الفرج والفم .

فكان ذلك أيضا عندنا - والله أعلم - على حسن الأديان ، وهي التي دعا الله تعالى خلقه إليه ، وهي الإسلام ، والله عز وجل نسأله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية