الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قنس ]

                                                          قنس : القنس والقنس : الأصل ، قال العجاج :


                                                          وحاصن من حاصنات ملس من الأذى ومن قراف الوقس     في قنس مجد فات كل قنس

                                                          وروي : فوق كل قنس . وحاصن : بمعنى حصان ، أي : هي من نساء عفيفات ملس من العيب ، أي : ليس فيهن عيب . والقراف : المداناة . والوقس هنا : الفجور ، قال ابن سيده : وهذا أحد ما صحفه أبو عبيد ، فقال القبس بالباء ، ويقال : إنه لكريم القنس . الليث : القنس تسميه الفرس الراسن . وجيء به من قنسك ، أي : من حيث كان . وقونس الفرس : ما بين أذنيه ، وقيل : عظم ناتئ بين أذنيه ، وقيل : مقدم رأسه ، قال الشاعر :


                                                          اضرب عنك الهموم طارقها     ضربك بالسوط قونس الفرس

                                                          أراد : اضربن فحذف النون ، قال ابن بري : البيت لطرفة ، ويقال : إنه مصنوع عليه ، وأراد اضربن بنون التأكيد الخفيفة ، فحذفها للضرورة ، وهذا من الشاذ ; لأن نون التأكيد الخفيفة لا تحذف إلا إذا لقيها ساكن ، كقول الآخر :


                                                          لا تهين الفقير علك أن     تخضع يوما والدهر قد رفعه

                                                          أراد : لا تهينن ، وحذفها هاهنا قياس ليس فيه شذوذ ، وفي شعر العباس بن مرداس من ذلك :


                                                          واضرب منا بالسيوف القوانسا

                                                          وقونس المرأة : مقدم رأسها . وقونس البيضة من السلاح : مقدمها ، وقيل أعلاها ، قال حسيل بن سحيح الضبي :


                                                          وأرهبت أولى القوم حتى تنهنهوا     كما ذدت يوم الورد هيما خوامسا
                                                          بمطرد لدن صحاح كعوبه     وذي رونق عضب يقد القوانسا

                                                          أرهبت : خوفت . وأولى القوم : جماعتهم المتقدمة ، وتنهنهوا : ازدجروا ورجعوا . وقوله : كما ذدت يوم الورد ، أي : رددناهم عن قتالنا أشد الرد ، كما تذاد الإبل الخوامس عن الماء ; لأنها تتقحم على الماء لشدة عطشها فتضرب ، يريد بذلك غرائب الإبل . والهيم : العطاش ، الواحد أهيم وهيماء . والعضب : القاطع . والقونس : أعلى البيضة من الحديد . الأصمعي : القونس مقدم البيضة ، قال : وإنما قالوا قونس الفرس لمقدم رأسه . النضر : القونس في البيضة سنبكها الذي فوق جمجمتها ، وهي الحديدة الطويلة في أعلاها ، والجمجمة ظهر البيضة ، والبيضة التي لا جمجمة لها يقال لها : الموأمة . ابن [ ص: 200 ] الأعرابي : القنس الطلعاء ، وهي القيء القليل ، فأما قول الأفوه :


                                                          أبلغ بني أود فقد أحسنوا     أمس بضرب الهام تحت القنوس



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية