الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها ؛ [ ص: 151 ] موضع " ما " : رفع بالابتداء؛ لأن تأويله الاستفهام؛ كقولك: " ادع لنا ربك يبين لنا أي شيء لونها " ؛ ومثله: فلينظر أيها أزكى طعاما ؛ ولا يجوز في القراءة: " ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها " ؛ على أن يجعل " ما " ؛ لغوا؛ ولا يقرأ القرآن إلا كما قرأت القراء المجمع عليهم في الأخذ عنهم.

                                                                                                                                                                                                                                        قال إنه يقول إنها ما بعد القول من باب " إن " ؛ مكسور أبدا؛ كأنك تذكر القول في صدر كلامك؛ وإنما وقعت " قلت " ؛ في كلام العرب أن يحكى بها ما كان كلاما يقوم بنفسه؛ قبل دخولها؛ فيؤدي مع ذكرها ذلك اللفظ؛ تقول: " قلت: زيد منطلق " ؛ كأنك قلت: " زيد منطلق " ؛ وكذلك " إن زيدا منطلق " ؛ لا اختلاف بين النحويين في ذلك؛ إلا أن قوما من العرب؛ وهم بنو سليم؛ يجعلون باب " قلت " ؛ أجمع؛ كباب " ظننت " ؛ فيقولون: " قلت زيدا منطلقا " ؛ فهذه لغة لا يجوز أن يوجد شيء منها في كتاب الله - عز وجل -؛ ولا يجوز: " قال أنه يقول إنها " ؛ لا يجوز إلا الكسر.

                                                                                                                                                                                                                                        وأما قوله - عز وجل -: صفراء فاقع لونها ؛ " فاقع " ؛ نعت للأصفر الشديد الصفرة؛ يقال: " أصفر فاقع " ؛ و " أبيض ناصع " ؛ و " أحمر قان " ؛ قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                        يسقي بها ذو تومتين كأنما ... قنأت أنامله من الفرصاد



                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 152 ] أي: احمرت حمرة شديدة؛ ويقال: " أحمر قاتم " ؛ و " أبيض يقق " ؛ و " لهق " ؛ و " لهاق " ؛ و " أسود حالك " ; و " حلوك " ؛ و " حلوكي " ؛ و " دجوجي " ؛ فهذه كلها صفات مبالغة في الألوان؛ وقد قالوا: إن " صفراء " ؛ ههنا سوداء؛ ومعنى تسر الناظرين ؛ أي: تعجب الناظرين.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية