الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان هذا الوعظ جديرا بأن يكون سببا لطاعته؛ وزاجرا له عن معصيته؛ بين (تعالى) أنه قسا قلبه؛ فجعله سببا لإقدامه؛ فقال - مبينا بصيغة التفعيل؛ إذ القتل لما جعل الله له من الحرمة؛ وكساه من الهيبة لا يقدم عليه إلا بمعالجة كبيرة من النفس -: فطوعت له ؛ أي: الذي لم يتقبل منه؛ نفسه قتل أخيه ؛ أي: فعالجته معالجة كبيرة؛ وشجعته؛ وسهلت له بما عندها من النفاسة؛ على زعمها؛ حتى غلبت على عقله؛ فانطاع لها؛ وانقاد؛ فأقدم عليه; وتحقيق المعنى أن من تصور النهي عن الذنب والعقاب عليه؛ امتنع منه؛ فكان فعله كالعاصي عليه؛ ومن استولت عليه نفسه بأنواع الشبه في تزيينه؛ صار فعله له؛ وإقدامه عليه؛ كالمطيع له؛ [ ص: 122 ] الممكن من نفسه؛ بعد أن كان عاصيا عليه؛ نافرا عنه؛ ثم سبب عن هذا التطويع قوله: فقتله ؛ وسبب عن القتل قوله: فأصبح ؛ أي: فكان في كل زمن من الخاسرين ؛ أي: العريقين في صفة الخسران؛ بغضب الله عليه؛ لاجترائه على إفساده مصنوعه؛ وغضب أبناء جنسه عليه؛ لاجترائه على أحدهم؛ وعبر بالإصباح؛ والمراد جميع الأوقات؛ لأن الصباح محل توقع الارتياح؛ قيل: إنه لم يدر كيف يقتله؛ فتصور له إبليس في يده طائر؛ فشدخ رأسه بحجر؛ فقتله؛ فاقتدى به قابيل؛ فأتى هابيل وهو نائم؛ فشدخ رأسه بحجر.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية