الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ؛ هذا متصل بقوله : لولا نـزل عليه آية من ربه ؛ فأعلمهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يملك خزائن الله التي بها يرزق؛ ويعطي؛ وأنه لا يعلم الغيب؛ فيخبرهم بما غاب عنه مما مضى؛ وما سيكون؛ إلا بوحي من الله - جل وعز -؛ ولا أقول لكم إني ملك ؛ أي : الملك يشاهد من أمور الله - عز وجل - ما لا يشاهده البشر؛ فأعلمهم أنه يتبع الوحي؛ فقال : إن أتبع إلا ما يوحى إلي ؛ أي : ما أنبأتكم به من غيب فيما مضى؛ وفيما سيكون؛ فهو بوحي من الله؛ فأما الإنباء بما مضى؛ فإخبار بقصص الأمم السالفة؛ والإخبار بما سيكون كقوله : غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين ؛ فوجد من ذلك ما أنبأ به؛ ونحو قوله : والله يعصمك من الناس ؛ [ ص: 251 ] فاجتهدوا في قتله؛ فلم يصلوا إلى ذلك؛ وقوله : ليظهره على الدين كله ؛ وما يروى من الأخبار عنه بما يكون؛ أكثر من أن يحصى. وقوله : وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ؛ قوله : " وأنذر به " : أي : بالقرآن؛ وإنما ذكر الذين يخافون الحشر؛ دون غيرهم؛ وهو - صلى الله عليه وسلم - منذر جميع الخلق؛ لأن الذين يخافون الحشر الحجة عليهم أوجب؛ لأنهم أفهم بالميعاد؛ فهم أحد رجلين؛ إما رجل مسلم؛ فيؤدي حق الله في إسلامه؛ وإما رجل من أهل الكتاب؛ فأهل الكتاب أجمعون معترفون بأن الله - جل ثناؤه - خالقهم؛ وأنهم مبعوثون؛ وقوله : ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ؛ لأن النصارى؛ واليهود ذكرت أنها أبناء الله وأحباؤه؛ فأعلم الله أنه لا ولي له إلا المؤمنون؛ وأن أهل الكفر ليس لهم من دون الله ولي ولا شفيع .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية