الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 57 ] فصل وكذلك لفظ " الصالح " و " الشهيد " و " الصديق " : يذكر مفردا ; فيتناول النبيين قال تعالى في حق الخليل : { وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين } . وقال : { وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين } . وقال الخليل : { رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين } . وقال يوسف : { توفني مسلما وألحقني بالصالحين } . وقال سليمان : { وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح المتفق على صحته { لما كانوا يقولون في آخر صلاتهم : السلام على الله قبل عباده السلام على فلان فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إن الله هو السلام فإذا قعد أحدكم في الصلاة ; فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قالها أصابت كل عبد صالح لله في السماء والأرض } . . الحديث . وقد يذكر " الصالح مع غيره " كقوله تعالى : { فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } .

                قال الزجاج وغيره : الصالح : القائم بحقوق الله وحقوق عباده . ولفظ " الصالح " خلاف الفاسد ; [ ص: 58 ] فإذا أطلق فهو الذي أصلح جميع أمره فلم يكن فيه شيء من الفساد فاستوت سريرته وعلانيته وأقواله وأعماله على ما يرضي ربه ; وهذا يتناول النبيين ومن دونهم . ولفظ " الصديق " قد جعل هنا معطوفا على النبيين ; وقد وصف به النبيين في مثل قوله : { واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا } - { واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا } . وكذلك " الشهيد " قد جعل هنا قرين الصديق والصالح وقد قال : { وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق } . ولما قيدت الشهادة على الناس وصفت به الأمة كلها في قوله : { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } . فهذه شهادة مقيدة بالشهادة على الناس كالشهادة المذكورة في قوله : { لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء } . وقوله { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } . وليست هذه الشهادة المطلقة في الآيتين بل ذلك كقوله : { ويتخذ منكم شهداء } .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية