الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              783 [ ص: 507 ] (باب منع المار بين يدي المصلي )

                                                                                                                              وذكره النووي في (باب سترة المصلي ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 223- 224 ج 4 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [حدثنا شيبان بن فروخ. حدثنا سليمان بن المغيرة. حدثنا ابن هلال (يعني: حميدا ) قال: بينما أنا وصاحب لي نتذاكر حديثا. إذ قال أبو صالح السمان: أنا أحدثك ما سمعت من أبي سعيد، ورأيت منه. قال: بينما أنا مع أبي سعيد يصلي يوم الجمعة إلى شيء يستره من الناس. إذ جاء رجل شاب من بني أبي معيط. أراد أن يجتاز بين يديه. فدفع في نحره. فنظر فلم يجد مساغا إلا بين يدي أبي سعيد. فعاد، فدفع في نحره أشد من الدفعة الأولى. فمثل قائما. فنال من أبي سعيد. ثم زاحم الناس فخرج. فدخل على مروان. فشكا إليه ما لقي. قال: ودخل أبو سعيد على مروان. فقال له مروان: ما لك ولابن أخيك؟ جاء يشكوك. فقال أبو سعيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفع في نحره. فإن أبى فليقاتله. فإنما هو شيطان ".] [ ص: 508 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 508 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي صالح السمان؛ قال: بينما أنا مع أبي سعيد ) الخدري رضي الله عنه (يصلي يوم الجمعة إلى شيء يستره من الناس، إذ جاء رجل شاب من بني أبي معيط، أراد أن يجتاز بين يديه، فدفع في نحره، فنظر فلم يجد مساغا إلا بين يدي أبي سعيد. فعاد، فدفع في نحره أشد من الدفعة الأولى. فمثل ) بفتح الميم، وبفتح الثاء وضمها. لغتان، حكاهما صاحب "المطالع" وغيره. والفتح أشهر.

                                                                                                                              ولم يذكر الجوهري، وآخرون، غيره. ومعناه: انتصب. والمضارع "يمثل" بضم الثاء لا غير. ومنه الحديث: (من أحب أن يمثل الناس له قياما ) .

                                                                                                                              (قائما، فنال من أبي سعيد. ثم زاحم الناس فخرج، فدخل على مروان، فشكا إليه ما لقي. قال: ودخل أبو سعيد على مروان، فقال له مروان: مالك ولابن أخيك؟ جاء يشكوك. فقال أبو سعيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه، فليدفع في نحره. فإن أبى فليقاتله، فإنما هو شيطان" ) .

                                                                                                                              قال عياض: إنما حمله على مروره، وامتناعه من الرجوع، الشيطان. [ ص: 509 ] وقيل: معناه: يفعل فعل الشيطان، لأن الشيطان بعيد من الخير وقبول السنة. وقيل: المراد: القرين، كما جاء في الحديث الآخر: (فإن معه القرين ) .

                                                                                                                              قال عياض: وأجمعوا على أنه لا يلزمه مقاتلته بالسلاح، ولا ما يؤدي إلى هلاكه.

                                                                                                                              فإن دفعه مما يجوز فهلك من ذلك، فلا قود عليه باتفاق العلماء. وهل يجب ديته، أم يكون هدرا؟ فيه مذهبان: وهما قولان في مذهب مالك.

                                                                                                                              واتفقوا على أن هذا كله، لمن لم يفرط في صلاته، بل احتاط وصلى إلى سترة، أو في مكان يأمن المرور بين يديه. ويدل له حديث أبي سعيد هذا.

                                                                                                                              و كذا اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه، ليرده.

                                                                                                                              وإنما يدفعه ويرده من موقفه. لأن مفسدة المشي في صلاته، أعظم من مروره من بعيد بين يديه.

                                                                                                                              وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه. ولهذا أمر بالقرب من سترته. وإنما يرده إذا كان بعيدا منه، بالإشارة، والتسبيح.

                                                                                                                              قال: وكذلك اتفقوا على أنه إذا مر لا يرده، لئلا يصير مرورا ثانيا.

                                                                                                                              وروي عن بعض السلف: أنه يرده، وتأوله بعضهم. هذا آخر كلام القاضي.




                                                                                                                              الخدمات العلمية