الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ قول ]

                                                          قول : القول الكلام على الترتيب ، وهو عند المحقق كل لفظ قال به اللسان تاما كان أو ناقصا ، تقول : قال يقول قولا ، والفاعل قائل ، والمفعول مقول ، قال سيبويه : واعلم أن قلت في كلام العرب إنما وقعت على أن تحكي بها ما كان كلاما لا قولا ، يعني بالكلام الجمل ، كقولك : زيد منطلق ، وقام زيد ، ويعني بالقول الألفاظ المفردة التي يبنى الكلام منها ، كزيد من قولك : زيد منطلق ، وعمرو من قولك : قام عمرو : فأما تجوزهم في تسميتهم الاعتقادات والآراء قولا ; فلأن الاعتقاد يخفى فلا يعرف إلا بالقول أو بما يقوم مقام القول من شاهد الحال فلما كانت لا تظهر إلا بالقول سميت قولا إذ كانت سببا له وكان القول دليلا عليها ، كما يسمى الشيء باسم غيره إذا كان ملابسا له ، وكان القول دليلا عليه ، فإن قيل : فكيف عبروا عن الاعتقادات والآراء بالقول ولم يعبروا عنها بالكلام ، ولو سووا بينهما أو قلبوا الاستعمال فيهما كان ماذا ؟ فالجواب : أنهم إنما فعلوا ذلك من حيث كان القول بالاعتقاد أشبه من الكلام وذلك أن الاعتقاد لا يفهم إلا بغيره ، وهو العبارة عنه ، كما أن القول قد لا يتم معناه إلا بغيره ، ألا ترى أنك إذا قلت : قام ، وأخليته من ضمير فإنه لا يتم معناه الذي وضع في الكلام عليه وله ؟ لأنه إنما وضع على أن يفاد معناه مقترنا بما يسند إليه من الفاعل ، وقام هذه نفسها قول وهي ناقصة محتاجة إلى الفاعل كاحتياج الاعتقاد إلى العبارة عنه ، فلما اشتبها من هنا عبر عن أحدهما بصاحبه ، وليس كذلك الكلام ; لأنه وضع على الاستقلال والاستغناء عما سواه ، والقول قد يكون من المفتقر إلى غيره على ما قدمناه ، فكان بالاعتقاد المحتاج إلى البيان أقرب وبأن يعبر عنه أليق ، فاعلمه . وقد يستعمل القول في غير الإنسان ، قال أبو النجم :


                                                          قالت له الطير تقدم راشدا إنك لا ترجع إلا حامدا

                                                          وقال آخر :


                                                          قالت له العينان : سمعا وطاعة     وحدرتا كالدر لما يثقب

                                                          وقال آخر :


                                                          امتلأ الحوض وقال قطني

                                                          وقال الآخر :


                                                          بينما نحن مرتعون بفلج     قالت الدلح الرواء : إنيه

                                                          إنيه : صوت رزمة السحاب وحنين الرعد ، ومثله أيضا :

                                                          قد قالت الأنساع للبطن الحقي

                                                          وإذا جاز أن يسمى الرأي والاعتقاد قولا وإن لم يكن صوتا ، كان تسميتهم ما هو أصوات قولا أجدر بالجواز ، ألا ترى أن الطير لها هدير ، والحوض له غطيط ، والأنساع لها أطيط ، والسحاب له دوي ؟ فأما قوله :


                                                          قالت له العينان : سمعا وطاعة

                                                          فإنه وإن لم يكن منهما صوت ، فإن الحال آذنت بأن لو كان لهما جارحة نطق لقالتا : سمعا وطاعة ، قال ابن جني : وقد حرر هذا الموضع وأوضحه عنترة بقوله :


                                                          لو كان يدري ما المحاورة اشتكى     أو كان يدري ما جواب تكلمي

                                                          والجمع : أقوال وأقاويل جمع الجمع ، قال يقول قولا وقيلا ، وقولة ومقالا ومقالة ; وأنشد ابن بري للحطيئة يخاطب عمر رضي الله عنه :


                                                          تحنن علي هداك المليك     فإن لكل مقام مقالا

                                                          وقيل : القول في الخير والشر ، والقال والقيل في الشر خاصة ، ورجل قائل من قوم قول وقيل وقالة . حكى ثعلب : إنهم لقالة بالحق ، وكذلك قئول وقوول ، والجمع قول وقول ، الأخيرة عن سيبويه ، وكذلك قوال وقوالة من قوم قوالين وقولة ، وتقولة وتقوالة ، وحكى سيبويه مقول ، وكذلك الأنثى بغير هاء ، قال : ولا يجمع بالواو والنون ; لأن مؤنثه لا تدخله الهاء . ومقوال : كمقول ، قال سيبويه : هو على النسب ، كل ذلك حسن القول لسن ، وفي الصحاح : كثير القول . الجوهري : رجل قئول وقوم قول مثل صبور وصبر ، وإن شئت سكنت الواو ، قال ابن بري : المعروف عند أهل العربية : قئول وقول بإسكان الواو ، تقول : عوان وعون ، الأصل عون ولا يحرك إلا في الشعر ، كقول الشاعر :


                                                          تمنحه سوك الإسحل

                                                          قال : وشاهد قوله : رجل قئول قول كعب بن سعد الغنوي :


                                                          وعوراء قد قيلت فلم ألتفت لها     وما الكلم العوران لي بقبيل
                                                          وأعرض عن مولاي لو شئت سبني     وما كل حين حلمه بأصيل
                                                          وما أنا ، للشيء الذي ليس نافعي     ويغضب منه صاحبي بقئول
                                                          ولست بلاقي المرء أزعم أنه     خليل ، وما قلبي له بخليل

                                                          وامرأة قوالة : كثيرة القول ، والاسم القالة والقال والقيل . ابن شميل : يقال للرجل : إنه لمقول ، إذا كان بينا ظريف اللسان . والتقولة : الكثير الكلام البليغ في حاجته . وامرأة ورجل تقوالة : منطيق ، ويقال : كثر القال والقيل . الجوهري : القول جمع قائل مثل راكع وركع ، قال رؤبة :


                                                          فاليوم قد نهنهني تنهنهي     وأول حلم ليس بالمسفه
                                                          وقول إلا ده فلا ده

                                                          وهو ابن أقوال وابن قوال ، أي : جيد الكلام فصيح . التهذيب : العرب تقول للرجل إذا كان ذا لسان طلق : إنه لابن قول ، وابن أقوال . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن قيل وقال وإضاعة المال ، قال أبو عبيد في قوله : قيل وقال نحو وعربية ، وذلك أنه جعل القال مصدرا ألا تراه يقول عن قيل وقال : كأنه قال عن قيل وقول ؟ يقال على هذا : قلت قولا وقيلا وقالا ، قال : وسمعت الكسائي يقول في قراءة عبد الله : ( ذلك عيسى ابن مريم قال الحق الذي فيه يمترون ) فهذا من هذا كأنه قال : قال قول الحق ، وقال الفراء : القال في معنى القول ، مثل العيب [ ص: 222 ] والعاب ، قال : والحق في هذا الموضع يراد به الله تعالى ذكره ، قال قول الله . الجوهري : وكذلك القالة . يقال : كثرت قالة الناس ، قال : وأصل قلت : قولت بالفتح ، ولا يجوز أن يكون بالضم ، لأنه يتعدى . الفراء في قوله صلى الله عليه وسلم : ونهيه عن قيل وقال وكثرة السؤال ، قال : فكانتا كالاسمين ، وهما منصوبتان ، ولو خفضتا على أنهما أخرجتا من نية الفعل إلى نية الأسماء كان صوابا ، كقولهم : أعييتني من شب إلى دب ، قال ابن الأثير : معنى الحديث أنه نهى عن فضول ما يتحدث به المتجالسون ، من قولهم : قيل كذا ، وقال كذا ، قال : وبناؤهما على كونهما فعلين ماضيين محكيين متضمنين للضمير ، والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خلوين من الضمير ، وإدخال حرف التعريف عليهما لذلك في قولهم : القيل والقال ، وقيل : القال الابتداء والقيل الجواب ، قال : وهذا إنما يصح إذا كانت الرواية : قيل وقال ، على أنهما فعلان ، فيكون النهي عن القول بما لا يصح ولا تعلم حقيقته ، وهو كحديثه الآخر : بئس مطية الرجل زعموا ! وأما من حكى ما يصح وتعرف حقيقته وأسنده إلى ثقة صادق فلا وجه للنهي عنه ولا ذم ، وقال أبو عبيد : إنه جعل القال مصدرا كأنه قال : نهى عن قيل وقول ، وهذا التأويل على أنهما اسمان ، وقيل : أراد النهي عن كثرة الكلام مبتدئا ومجيبا ، وقيل : أراد به حكاية أقوال الناس ، والبحث عما لا يجدي عليه خيرا ولا يعنيه أمره ، ومنه الحديث : ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة القالة بين الناس ، أي : كثرة القول وإيقاع الخصومة بين الناس بما يحكي البعض عن البعض ، ومنه الحديث : ففشت القالة بين الناس ، قال : ويجوز أن يريد به القول والحديث . الليث : تقول العرب : كثر فيه القال والقيل ، ويقال إن اشتقاقهما من كثرة ما يقولون : قال وقيل له ، ويقال : بل هما اسمان مشتقان من القول ، ويقال : قيل على بناء فعل وقيل على بناء فعل - كلاهما من الواو ، ولكن الكسرة غلبت فقلبت الواو ياء ، وكذلك قوله تعالى : وسيق الذين اتقوا ربهم ، الفراء : بنو أسد يقولون : قول وقيل بمعنى واحد ; وأنشد :


                                                          وابتدأت غضبى وأم الرحال     وقول لا أهل له ولا مال

                                                          بمعنى وقيل : وأقوله ما لم يقل ، وقوله ما لم يقل ، كلاهما : ادعى عليه ، وكذلك أقاله ما لم يقل ، عن اللحياني : قول مقول ومقئول ، عن اللحياني أيضا ، قال : والإتمام لغة أبي الجراح . وآكلتني وأكلتني ما لم آكل ، أي : ادعيته علي ، قال شمر : تقول قولني فلان حتى قلت ، أي : علمني وأمرني أن أقول ، قال : قولتني وأقولتني ، أي : علمتني ما أقول وأنطقتني وحملتني على القول . وفي حديث سعيد بن المسيب حين قيل له : ما تقول في عثمان و علي رضي الله عنهما ، فقال : أقول فيهما ما قولني الله تعالى ثم قرأ : والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ( الآية ) . وفي حديث علي عليه السلام : سمع امرأة تندب عمر ، فقال : أما والله ما قالته ولكن قولته ، أي : لقنته وعلمته وألقي على لسانها يعني من جانب الإلهام ، أي أنه حقيق بما قالت فيه . وتقول قولا : ابتدعه كذبا . وتقول فلان علي باطلا ، أي : قال علي ما لم أكن قلت وكذب علي ، ومنه قوله تعالى : ولو تقول علينا بعض الأقاويل وكلمة مقولة : قيلت مرة بعد مرة . والمقول : اللسان ، ويقال : إن لي مقولا ، وما يسرني به مقول ، وهو لسانه . التهذيب : أبو الهيثم في قوله تعالى : زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا ، قال : اعلم أن العرب تقول : قال إنه ، وزعم أنه ، فكسروا الألف في قال على الابتداء وفتحوها في زعم ; لأن زعم فعل واقع بها متعد إليها ، تقول : زعمت عبد الله قائما ، ولا تقول : قلت زيدا خارجا ، إلا أن تدخل حرفا من حروف الاستفهام في أوله ، فتقول : هل تقوله خارجا ، ومتى تقوله فعل كذا ، وكيف تقوله صنع ، وعلام تقوله فاعلا ، فيصير عند دخول حروف الاستفهام عليه بمنزلة الظن ، وكذلك تقول : متى تقولني خارجا وكيف تقولك صانعا ; وأنشد :


                                                          فمتى تقول الدار تجمعنا

                                                          قال الكميت :


                                                          علام تقول همدان احتذتنا     وكندة بالقوارص مجلبينا ؟

                                                          والعرب تجري تقول وحدها في الاستفهام مجرى تظن في العمل ، قال هدبة بن خشرم :


                                                          متى تقول القلص الرواسما     يدنين أم قاسم وقاسما ؟

                                                          فنصب القلص ، كما ينصب بالظن ، وقال عمرو بن معديكرب :


                                                          علام تقول الرمح يثقل عاتقي     إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت ؟

                                                          وقال عمر بن أبي ربيعة :


                                                          أما الرحيل فدون بعد غد     فمتى تقول الدار تجمعنا ؟

                                                          قال : وبنو سليم يجرون متصرف قلت في غير الاستفهام أيضا مجرى الظن ، فيعدونه إلى مفعولين ، فعلى مذهبهم يجوز فتح إن بعد القول . وفي الحديث : أنه سمع صوت رجل يقرأ بالليل ، فقال : أتقوله مرائيا ؟ أي : أتظنه ؟ وهو مختص بالاستفهام ، ومنه الحديث : لما أراد أن يعتكف ورأى الأخبية في المسجد ، فقال : البر تقولون بهن ، أي : تظنون وترون أنهن أردن البر ، قال : وفعل القول إذا كان بمعنى الكلام لا يعمل فيما بعده ، تقول : قلت : زيد قائم ، وأقول : عمرو منطلق ، وبعض العرب يعمله فيقول : قلت : زيدا قائما ، فإن جعلت القول بمعنى الظن أعملته مع الاستفهام ، كقولك : متى تقول عمرا ذاهبا ، وأتقول زيدا منطلقا ، أبو زيد : يقال ما أحسن قيلك وقولك ومقالتك ومقالك وقالك ، خمسة أوجه . الليث : يقال : انتشرت لفلان في الناس قالة حسنة ، أو قالة سيئة ، والقالة تكون بمعنى قائلة والقال في موضع قائل ، قال بعضهم لقصيدة : أنا قالها ، أي : قائلها ، قال : والقالة القول الفاشي في الناس . والمقول : القيل بلغة أهل اليمن ، قال ابن سيده : المقول والقيل الملك من ملوك حمير يقول ما شاء ، وأصله قيل ، وقيل : هو دون الملك الأعلى ، والجمع أقوال ، قال سيبويه : كسروه على أفعال تشبيها بفاعل ، وهو المقول ، والجمع مقاول ومقاولة ، دخلت الهاء فيه على حد دخولها في القشاعمة ، قال لبيد :


                                                          لها غلل من رازقي وكرسف     بأيمان عجم ينصفون المقاولا

                                                          والمرأة قيلة : قال الجوهري : أصل قيل قيل بالتشديد ، مثل سيد من [ ص: 223 ] ساد يسود ، كأنه الذي له قول ، أي : ينفذ قوله ، والجمع أقوال وأقيال أيضا ، ومن جمعه على أقيال لم يجعل الواحد منه مشددا ، التهذيب : وهم الأقوال والأقيال ، الواحد : قيل ، فمن قال : أقيال ، بناه على لفظ قيل ، ومن قال : أقوال ، بناه على الأصل ، وأصله من ذوات الواو ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتبلوائل بن جحر ولقومه : من محمد رسول الله إلى الأقوال العباهلة ، وفي رواية : إلى الأقيال العباهلة ، قال أبو عبيدة : الأقيال ملوك ب اليمن دون الملك الأعظم ، واحدهم : قيل ، يكون ملكا على قومه ومخلافه ومحجره ، وقال غيره : سمي الملك قيلا لأنه إذا قال قولا نفذ قوله ، وقال الأعشى فجعلهم أقوالا :


                                                          ثم دانت بعد ، الرباب     وكانت كعذاب عقوبة الأقوال

                                                          ابن الأثير في تفسير الحديث ، قال : الأقوال جمع قيل ، وهو الملك النافذ القول والأمر ، وأصله قيول فيعل من القول حذفت عينه ، قال : ومثله أموات في جمع ميت مخفف ميت ، قال : وأما أقيال فمحمول على لفظ قيل ، كما قيل : أرياح في جمع ريح والشائع المقيس أرواح . وفي الحديث : سبحان من تعطف العز ، وقال به : تعطف العز ، أي : اشتمل بالعز فغلب بالعز كل عزيز ، وأصله من القيل ينفذ قوله فيما يريد ، قال ابن الأثير : معنى وقال به ، أي : أحبه واختصه لنفسه ، كما يقال : فلان يقول بفلان ، أي : بمحبته واختصاصه ، وقيل : معناه حكم به ، فإن القول يستعمل في معنى الحكم . وفي الحديث : قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان ، أي : قولوا بقول أهل دينكم وملتكم ، يعني ادعوني رسولا ونبيا ، كما سماني الله ولا تسموني سيدا ، كما تسمون رؤساءكم لأنهم كانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة كالسيادة بأسباب الدنيا ، وقوله بعض قولكم يعني الاقتصاد في المقال وترك الإسراف فيه ، قال : وذلك أنهم كانوا مدحوه فكره لهم المبالغة في المدح ، فنهاهم عنه يريد تكلموا بما يحضركم من القول ، ولا تتكلفوه كأنكم وكلاء الشيطان ورسله تنطقون عن لسانه . واقتال قولا : اجتره إلى نفسه من خير أو شر . واقتال عليهم : احتكم ; وأنشد ابن بري للغطمش من بني شقرة :


                                                          فبالخير لا بالشر فارج مودتي     وإني امرؤ يقتال مني الترهب

                                                          قال أبو عبيد : سمعت الهيثم بن عدي يقول : سمعت عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز يقول في رقية النملة : العروس تحتفل ، وتقتال وتكتحل ، وكل شيء تفتعل ، غير أن لا تعصي الرجل ، قال : تقتال تحتكم على زوجها . الجوهري : اقتال عليه ، أي : تحكم ، وقال كعب بن سعد الغنوي :


                                                          ومنزلة في دار صدق وغبطة     وما اقتال من حكم علي طبيب

                                                          قال ابن بري : صواب إنشاده بالرفع : ومنزلة ; لأن قبله :


                                                          وخبرتماني أنما الموت في القرى     فكيف وهاتا هضبة وكثيب
                                                          وماء سماء كان غير محمة     ببرية تجري عليه جنوب

                                                          وأنشد ابن بري للأعشى :

                                                          ولمثل الذي جمعت لريب الد     هر تأبى حكومة المقتال

                                                          وقاولته في أمره وتقاولنا ، أي : تفاوضنا ، وقول لبيد :


                                                          وإن الله نافلة تقاه     ولا يقتالها إلا السعيد

                                                          أي : ولا يقولها ، قال ابن بري : صوابه فإن الله بالفاء ، وقبله :


                                                          حمدت الله والله الحميد

                                                          والقال : القلة مقلوب مغير ، وهو العود الصغير ، وجمعه قيلان ، قال :


                                                          وأنا في ضراب قيلان القله

                                                          الجوهري : القال الخشبة التي يضرب بها القلة ; وأنشد :


                                                          كأن نزو فراخ الهام بينهم     نزو القلاة قلاها قال قالينا

                                                          قال ابن بري : هذا البيت يروى لابن مقبل ، قال : ولم أجده في شعره . ابن بري : يقال اقتال بالبعير بعيرا وبالثوب ثوبا ، أي : استبدله به ، ويقال : اقتال باللون لونا آخر إذا تغير من سفر أو كبر ، قال الراجز :


                                                          فاقتلت بالجدة لونا أطحلا     وكان هداب الشباب أجملا

                                                          ابن الأعرابي : العرب تقول قالوا بزيد ، أي : قتلوه وقلنا به ، أي : قتلناه ; وأنشد :


                                                          نحن ضربناه على نطابه     قلنا به قلنا به قلنا به

                                                          أي : قتلناه ، والنطاب : حبل العاتق . وقوله في الحديث : فقال بالماء على يده ، وفي الحديث الآخر : فقال بثوبه هكذا ، قال ابن الأثير : العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال ، وتطلقه على غير الكلام واللسان ، فتقول : قال بيده ، أي : أخذ ، وقال برجله ، أي : مشى ، وقد تقدم قول الشاعر :


                                                          وقالت له العينان سمعا وطاعة

                                                          أي : أومأت ، وقال بالماء على يده ، أي : قلب ، وقال بثوب ، أي : رفعه ، وكل ذلك على المجاز والاتساع ، كما روي في حديث السهو ، قال : ما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : صدق ، روي أنهم أومئوا برءوسهم ، أي : نعم ولم يتكلموا ، قال : ويقال ، قال بمعنى أقبل ، وبمعنى مال واستراح وضرب وغلب وغير ذلك . وفي حديث جريج : فأسرعت القولية إلى صومعته هم الغوغاء ، وقتلة الأنبياء ، واليهود ، وتسمى الغوغاء قولية .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية