الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أن عبد الله بن سلام وأصحابه جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إن قوما قد أظهروا لنا العداوة ، ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل ، [ ص: 383 ] فنزلت هذه الآية ، فقالوا: رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين ، وأذن بلال بالصلاة ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا مسكين يسأل الناس ، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل أعطاك أحد شيئا"؟ قال: نعم . قال: "ماذا"؟ قال: خاتم فضة . قال: "من أعطاكه"؟ قال: ذاك القائم ، فإذا هو علي بن أبي طالب ، أعطانيه وهو راكع ، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مجاهد: نزلت في علي بن أبي طالب ، تصدق وهو راكع .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أن عبادة بن الصامت لما تبرأ من حلفائه اليهود نزلت هذه الآية في حقه ، رواه العوفي عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أنها نزلت في أبي بكر الصديق ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أنها نزلت فيمن مضى من المسلمين ومن بقي منهم ، قاله الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ويؤتون الزكاة وهم راكعون فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنهم فعلوا ذلك في ركوعهم ، وهو تصدق علي عليه السلام بخاتمه في ركوعه . والثاني: أن من شأنهم إيتاء الزكاة وفعل الركوع .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 384 ] وفي المراد بالركوع ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنه نفس الركوع على ما روى أبو صالح عن ابن عباس . وقيل: إن الآية نزلت وهم في الركوع . والثاني: أنه صلاة التطوع بالليل والنهار ، وإنما أفرد الركوع بالذكر تشريفا له ، وهذا مروي عن ابن عباس أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أنه الخضوع والخشوع ، وأنشدوا:


                                                                                                                                                                                                                                      لا تذل الفقير علك أن تر كع يوما والدهر قد رفعه



                                                                                                                                                                                                                                      ذكره الماوردي . فأما "حزب الله" فقال الحسن: هم جند الله . وقال أبو عبيدة: أنصار الله . ثم فيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: أنهم المهاجرون والأنصار ، قاله ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: الأنصار ، ذكره أبو سليمان .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية