الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7981 ) مسألة ; قال : ( ومن حلف بحق القرآن ، لزمته بكل آية كفارة يمين ) نص على هذا أحمد . وهو قول ابن مسعود ، والحسن . وعنه ، أن الواجب كفارة واحدة . وهو قياس المذهب . ومذهب الشافعي ، وأبي عبيد ; لأن الحلف بصفات الله كلها ، وتكرر اليمين بالله سبحانه ، لا يوجب أكثر من كفارة واحدة ، فالحلف بصفة واحدة من صفاته أولى أن تجزئه كفارة واحدة . ووجه الأول ، ما روى مجاهد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من حلف بسورة من القرآن ، فعليه بكل آية كفارة يمين صبر ، فمن شاء بر ، ومن شاء فجر } . رواه الأثرم . ولأن ابن مسعود قال : عليه بكل آية كفارة يمين .

                                                                                                                                            ولم نعرف مخالفا له في الصحابة ، فكان إجماعا . قال أحمد : وما أعلم شيئا يدفعه . ويحتمل أن كلام أحمد ، في كل آية كفارة ، على الاستحباب لمن قدر عليه ، فإنه قال : عليه بكل آية كفارة ، فإن لم يمكنه فكفارة واحدة . ورده إلى واحدة عند العجز ، دليل على أن ما زاد عليها غير واجب .

                                                                                                                                            وكلام ابن مسعود أيضا يحمل على الاختيار ، والاحتياط لكلام الله ، والمبالغة في تعظيمه ، كما أن عائشة أعتقت أربعين رقبة حين حلفت بالعهد ، وليس ذلك بواجب ، ولا يجب أكثر من كفارة ; لقول الله - تعالى : { لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين } . وهذه يمين ، فتدخل في عموم الأيمان المنعقدة ، ولأنها يمين واحدة ، فلم توجب كفارات ، كسائر الأيمان ، ولأن إيجاب كفارات بعدد الآيات يفضي إلى المنع من البر والتقوى والإصلاح بين [ ص: 408 ] الناس ; لأن من علم أنه بحنثه تلزمه هذه الكفارات كلها ، ترك المحلوف عليه كائنا ما كان ، وقد يكون برا وتقوى وإصلاحا ، فتمنعه منه ، وقد نهى الله - تعالى - عنه بقوله : { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس } . وإن قلنا بوجوب كفارات بعدد الآيات ، فلم يطق ، أجزأته كفارة واحدة . نص عليه أحمد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية