الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كبد

                                                          كبد : الكبد والكبد ، مثل الكذب والكذب ، واحدة الأكباد : اللحمة السوداء في البطن ، ويقال أيضا كبد ، للتخفيف ، كما قالوا للفخذ فخذ ، وهي من السحر في الجانب الأيمن . أنثى ، وقد تذكر ; قال ذلك الفراء وغيره . وقال اللحياني : هو الهواء واللوح والسكاك والكبد . قال ابن سيده : وقال اللحياني هي مؤنثة فقط ، والجمع أكباد وكبود . وكبده يكبده ويكبده كبدا : ضرب كبده . أبو زيد : كبدته أكبده وكليته أكليه إذا أصبت كبده وكليته . وإذا أضر الماء بالكبد قيل : كبده ، فهو مكبود . قال الأزهري : الكبد معروف ، وموضعها من ظاهر يسمى كبدا . وفي الحديث : فوضع يده على كبدي وإنما وضعها على جنبه من الظاهر ; وقيل أي ظاهر جنبي مما يلي الكبد . والأكبد الزائد : موضع الكبد ; قال رؤبة :


                                                          أكبد زفارا يمد الأنسعا



                                                          يصف جملا منتفخ الأقراب . والكباد : وجع الكبد أو داء ; كبد كبدا ، وهو أكبد . قال كراع : ولا يعرف داء اشتق من اسم العضو إلا الكباد من الكبد ، والنكاف من النكف ، وهو داء يأخذ في النكفتين . وهما الغدتان اللتان تكتنفان الحلقوم في أصل اللحي ، والقلاب من القلب . وفي الحديث : الكباد من العب ; وهو بالضم ، وجع الكبد . والعب : شرب الماء من غير مص . وكبد : شكا كبده ، وربما سمي الجوف بكماله كبدا ; حكاه ابن سيده عن كراع أنه ذكره في المنجد ; وأنشد :


                                                          إذا شاء منهم ناشئ مد كفه     إلى كبد ملساء ، أو كفل نهد



                                                          وأم وجع الكبد : بقلة من دق البقل يحبها الضأن ، لها زهرة غبراء في برعومة مدورة ولها ورق صغير جدا أغبر ; سميت أم وجع الكبد ؛ لأنها شفاء من وجع الكبد ; قال ابن سيده : هذا عن أبي حنيفة . ويقال للأعداء : سود الأكباد ; قال الأعشى :


                                                          فما أجشمت من إتيان قوم     هم الأعداء ، فالأكباد سود



                                                          يذهبون إلى أن آثار الحقد أحرقت أكبادهم حتى اسودت ، كما يقال لهم صهب السبال ; وإن لم يكونوا كذلك . والكبد : معدن العداوة . وكبد الأرض : ما في معادنها من الذهب والفضة ونحو ذلك ; قال ابن سيده : أراه على التشبيه ، والجمع كالجمع . وفي حديث مرفوع : وتلقي الأرض أفلاذ كبدها أي تلقي ما خبئ في بطنها من الكنوز والمعادن فاستعار لها الكبد ; وقيل : إنما ترمي ما في باطنها من معادن الذهب والفضة . وفي الحديث : في كبد جبل أي في جوفه من كهف أو شعب . وفي حديث موسى والخضر - سلام الله على نبينا وعليهما - : فوجدته على كبد البحر أي على أوسط موضع من شاطئه . وكبد كل شيء : وسطه ومعظمه . يقال : انتزع سهما فوضعه في كبد القرطاس . وكبد الرمل والسماء وكبيداتهما وكبيداؤهما : وسطهما ومعظمهما . الجوهري : وكبيدات السماء ، كأنهم صغروها كبيدة ثم جمعوا . وتكبدت الشمس السماء : صارت في كبدها . وكبد السماء : وسطها الذي تقوم فيه الشمس عند الزوال ، فيقال عند انحطاطها : زالت ومالت . الليث : كبد السماء ما استقبلك من وسطها . يقال : حلق الطائر حتى صار في كبد السماء وكبيداء السماء إذا صغروا حملوها كالنعت ; وكذلك يقولون في سويداء القلب ، قال : وهما نادران حفظتا عن العرب ، هكذا قال . وكبد النجم السماء أي توسطها . وكبد القوس : ما بين طرفي العلاقة ، وقيل : قدر ذراع من مقبضها ، وقيل : كبداها معقدا سير علاقتها . التهذيب : وكبد القوس فويق مقبضها حيث يقع السهم . يقال : ضع السهم على كبد القوس ، وهي ما بين طرفي مقبضها ومجرى السهم منها . الأصمعي : في القوس كبدها ، وهو ما بين طرفي العلاقة ثم الكلية تلي ذلك ثم الأبهر يلي ذلك ثم الطائف ثم السية ، وهو ما عطف من طرفيها . وقوس كبداء : غليظة الكبد شديدتها ، وقيل : قوس كبداء إذا ملأ مقبضها الكف . والكبد : اسم جبل ; قال الراعي :


                                                          غدا ومن عالج خد يعارضه     عن الشمال ، وعن شرقيه كبد


                                                          والكبد : عظم البطن من أعلاه . وكبد كل شيء : عظم وسطه وغلظه ; كبد كبدا وهو أكبد . ورملة كبداء : عظيمة الوسط ; وناقة [ ص: 10 ] كبداء : كذلك ، قال ذو الرمة :


                                                          سوى وطأة دهماء من غير جعدة     تني أختها عن غرز كبداء ضامر


                                                          والأكبد : الضخم الوسط ولا يكون إلا بطيء السير . وامرأة كبداء : بينة الكبد ، بالتحريك ; وقوله :


                                                          بئس الغذاء للغلام الشاحب     كبداء حطت من صفا الكواكب
                                                          أدارها النقاش كل جانب



                                                          يعني رحى . والكواكب : جبال طوال . التهذيب : كواكب جبل معروف بعينه ; وقول الآخر :


                                                          بدلت من وصل الغواني البيض     كبداء ملحاحا على الرميض
                                                          تخلأ إلا بيد القبيض



                                                          يعني رحى اليد أي في يد رجل قبيض اليد خفيفها . قال : والكبداء الرحى التي تدار باليد ، سميت كبداء لما في إدارتها من المشقة . وفي حديث الخندق : فعرضت كبدة شديدة ; هي القطعة الصلبة من الأرض . وأرض كبداء وقوس كبداء أي شديدة ; قال ابن الأثير : والمحفوظ في هذا الحديث كدية ، بالياء ، وسيجيء . وتكبد اللبن وغيره من الشراب : غلظ وخثر . واللبن المتكبد : الذي يخثر حتى يصير كأنه كبد يترجرج . والكبداء : الهواء . والكبد : الشدة والمشقة . وفي التنزيل العزيز : لقد خلقنا الإنسان في كبد قال الفراء : يقول خلقناه منتصبا معتدلا ; ويقال : في كبد أي أنه خلق يعالج ويكابد أمر الدنيا وأمر الآخرة ، وقيل : في شدة ومشقة ، وقيل : في كبد أي خلق منتصبا يمشي على رجليه وغيره من سائر الحيوان غير منتصب ، وقيل : في كبد خلق في بطن أمه ورأسه قبل رأسها فإذا أرادت الولادة انقلب الولد إلى أسفل . قال المنذري : سمعت أبا طالب يقول : الكبد الاستواء والاستقامة ; وقال الزجاج : هذا جواب القسم ، والمعنى : أقسم بهذه الأشياء لقد خلقنا الإنسان في كبد يكابد أمر الدنيا والآخرة . قالأبو منصور : ومكابدة الأمر معاناة مشقته . وكابدت الأمر إذا قاسيت شدته . وفي حديث بلال : أذنت في ليلة باردة فلم يأت أحد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أكبدهم البرد ؟ أي شق عليهم وضيق ، من الكبد ، بالفتح ، وهي الشدة والضيق ، أو أصاب أكبادهم ، وذلك أشد ما يكون من البرد ، لأن الكبد معدن الحرارة والدم ولا يخلص إليها إلا أشد البرد . الليث : الرجل يكابد الليل إذا ركب هوله وصعوبته . ويقال : كابدت ظلمة هذه الليلة مكابدة شديدة ; وقال لبيد :


                                                          عين هلا بكيت أربد ، إذ قم     نا ، وقام الخصوم في كبد ؟



                                                          أي في شدة وعناء . ويقال : تكبدت الأمر قصدته ; ومنه قوله :


                                                          يروم البلاد أيها يتكبد



                                                          وتكبد الفلاة إذا قصد وسطها ومعظمها . وقولهم : فلان تضرب إليه أكباد الإبل أي يرحل إليه في طلب العلم وغيره . وكابد الأمر مكابدة وكبادا : قاساه ، والاسم الكابد كالكاهل والغارب ; قال ابن سيده : أعني به أنه غير جار على الفعل ; قال العجاج :


                                                          وليلة من الليالي مرت     بكابد كابدتها وجرت



                                                          أي طالت . وقيل : كابد في قول العجاج موضع بشق بني تميم . و أكباد : اسم أرض ; قال أبو حية النميري :


                                                          لعل الهوى ، إن أنت حييت منزلا     بأكباد ، مرتد عليك عقابله



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية