الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما نصاب البقر فليس في أقل من ثلاثين بقرا زكاة ، وفي كل ثلاثين منها تبيع أو تبيعة ولا شيء في الزيادة إلى تسع وثلاثين فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة وهذا مما لا خلاف فيه بين الأمة ، والأصل فيه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن { : في كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي كل أربعين مسنة } .

                                                                                                                                فأما إذا زادت على الأربعين فقد اختلفت الرواية فيه ذكر في كتاب الزكاة وما زاد على الأربعين ففي الزيادة بحساب ذلك ولم يفسر هذا الكلام ، وذكر في كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى إذا كان له إحدى وأربعين بقرة قال أبو حنيفة : عليه مسنة وربع عشر مسنة ، أو ثلث عشر تبيع .

                                                                                                                                وهذا يدل على أنه لا نصاب عنده في الزيادة على الأربعين ، وأنه تجب فيه الزكاة قل أو كثر بحساب ذلك .

                                                                                                                                وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا يجب في الزيادة شيء حتى تبلغ خمسين فإذا بلغت خمسين ففيها مسنة وربع مسنة أو ثلث تبيع .

                                                                                                                                وروى أسد بن عمرو عن أبي حنيفة أنه قال : ليس في الزيادة شيء حتى تكون ستين فإذا كانت ستين ففيها تبيعان أو تبيعتان .

                                                                                                                                وهو قول أبي يوسف ومحمد والشافعي ، فإذا زاد على الستين يدار الحساب على الثلاثينات والأربعينات في النصب وعلى الأتبعة والمسنات في الواجب ، ويجعل تسعة بينهما عفوا بلا خلاف فيجب في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة ، وفي كل أربعين مسنة فإذا كانت سبعين ففيها مسنة وتبيع ، وفي ثمانين مسنتان ، وفي تسعين ثلاثة أتبعة ، وفي مائة مسنة وتبيعان ، وفي مائة وعشرة مسنتان وتبيع ، وفي مائة وعشرين ثلاث مسنات وأربعة أتبعة فإنها ثلاث مرات أربعين وأربع مرات ثلاثين .

                                                                                                                                وعلى هذا الاعتبار يدار الحساب .

                                                                                                                                وجه رواية الأصل أن إثبات الوقص والنصاب بالرأي لا سبيل إليه وإنما طريق معرفته النص ولا نص فيما بين الأربعين إلى الستين فلا سبيل إلى إخلاء مال الزكاة عن الزكاة ، فأوجبنا فيما زاد على الأربعين بحساب ما سبق .

                                                                                                                                وجه رواية الحسن أن الأوقاص في البقر تسع تسع بدليل ما قبل الأربعين وما بعد الستين ، فكذلك فيما بين ذلك ; لأنه ملحق بما قبله أو بما بعده فتجعل التسعة عفوا فإذا بلغت خمسين ففيها مسنة وربع مسنة أو ثلث تبيع ; لأن الزيادة عشرة وهي ثلث وثلاثين وربع أربعين .

                                                                                                                                وجه رواية أسد بن عمرو وهي أعدل الروايات ما روي في حديث معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له { : لا تأخذ من أوقاص البقر شيئا } وفسر معاذ الوقص بما بين الأربعين إلى الستين حتى قيل له : ما تقول فيما بين الأربعين إلى الستين ؟ فقال : تلك الأوقاص لا شيء فيها ولأن مبنى زكاة السائمة على أنه لا يجب فيها الأشقاص دفعا للضرر عن أرباب الأموال ; ولهذا وجب في الإبل عند قلة العدد من خلاف الجنس تحرزا عن إيجاب الشقص ، فكذلك في زكاة البقر لا يجوز إيجاب الشقص والله أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية