الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب حمد الله في الصلاة لعاطس أو حدوث نعمة

                                                                                                                                            830 - ( عن رفاعة بن رافع قال : { صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : من المتكلم في الصلاة فلم يتكلم أحد ، ثم قالها الثانية فلم يتكلم أحد ، ثم قالها الثالثة ، فقال رفاعة أنا يا رسول الله فقال : والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضع وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها } . رواه النسائي والترمذي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الحديث أخرجه البخاري ولفظه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : { كنا نصلي يوما وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركعة قال : سمع الله لمن حمده فقال رجل من ورائه : ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ، فلما انصرف قال : من المتكلم ؟ قال : أنا ، قال : رأيت بضعا وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أول } ولم يذكر العطاس ولا زاد " كما يحب ربنا ويرضى " وزاد أن ذلك عند الرفع من الركوع ، فيجمع بين الروايتين بأن الرجل المبهم في رواية البخاري وهو رفاعة كما في حديث الباب ، ولا مانع أن يكني عن نفسه إما لقصد إخفاء عمله أو لنحو ذلك . ويجمع أيضا بأن عطاسه وقع عند رفع رأسه .

                                                                                                                                            قوله : ( بضع ) البضع : ما بين ثلاث إلى التسع أو إلى الخمس ، أو ما بين الواحد إلى الأربعة ، أو من أربع إلى تسع أو سبع ، كذا في القاموس . قال الفراء : ولا يذكر البضع مع العشرين إلى التسعين وكذا قال الجوهري . والحديث يرد ذلك

                                                                                                                                            . قوله : ( أيهم يصعد بها ) في رواية البخاري ( يكتبها ) وفي رواية للطبراني ( يرفعها ) .

                                                                                                                                            قال الحافظ [ ص: 377 ] وأما أيهم فرويناه بالرفع وهو مبتدأ خبره يكتبها ، ويجوز النصب بتقدير ينظرون إليهم ، وعند سيبويه أي موصولة ، والتقدير الذي هو يكتبها وقد استشكل تأخير رفاعة إجابة النبي صلى الله عليه وسلم حتى كرر سؤاله ثلاثا مع أن إجابته واجبة عليه بل وعلى من سمع رفاعة فإنه لم يسأل المتكلم وحده .

                                                                                                                                            وأجيب بأنه لم يعين واحدا بعينه لم تتعين المبادرة بالجواب من المتكلم ولا من واحد بعينه وكأنهم انتظروا بعضهم ليجيب وحملهم على ذلك خشية أن يبدو في حقه شيء ظنا منهم أنه أخطأ فيما فعل ورجوا أن يقع العفو عنه وكأنه صلى الله عليه وسلم لما رأى سكوتهم فهم ذلك فعرفهم أنه لم يقل بأسا

                                                                                                                                            والحديث استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور . وعلى جواز رفع الصوت بالذكر وتعقب بأن سماعه صلى الله عليه وسلم لصوت الرجل لا يستلزم رفعه لصوته وفيه نظر . ويدل أيضا على مشروعية الحمد في الصلاة لمن عطس . ويؤيد ذلك عموم الأحاديث الواردة بمشروعيته فإنها لم تفرق بين الصلاة وغيرها .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية