الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كتم

                                                          كتم : الكتمان : نقيض الإعلان ، كتم الشيء يكتمه كتما وكتمانا واكتمه وكتمه ; قال أبو النجم :


                                                          وكان في المجلس جم الهذرمه ليثا على الداهية المكتمه



                                                          وكتمه إياه ; قال النابغة :


                                                          كتمتك ليلا بالجمومين ساهرا     وهمين : هما مستكنا وظاهرا
                                                          أحاديث نفس تشتكي ما يريبها     وورد هموم لا يجدن مصادرا



                                                          وكاتمه إياه : ككتمه ; قال :


                                                          تعلم ولو كاتمته الناس ، أنني     عليك ولم أظلم بذلك ، عاتب



                                                          وقوله : ولم أظلم بذلك ، اعتراض بين أن وخبرها ، والاسم الكتمة . وحكى اللحياني : إنه لحسن الكتمة . ورجل كتمة ، مثال همزة ، إذا كان يكتم سره . وكاتمني سره : كتمه عني . ويقال للفرس إذا ضاق منخره عن نفسه : قد كتم الربو ; قال بشر :


                                                          كأن حفيف منخره إذا ما     كتمن الربو كير مستعار



                                                          يقول : منخره واسع لا يكتم الربو إذا كتم غيره من الدواب نفسه من ضيق مخرجه وكتمه عنه وكتمه إياه ; أنشد ثعلب :


                                                          مرة ، كالذعاف ، أكتمها النا     س على حر ملة كالشهاب



                                                          ورجل كاتم للسر وكتوم . وسر كاتم أي مكتوم عن كراع . ومكتم ; بالتشديد : بولغ في كتمانه . واستكتمه الخبر والسر : سأله كتمه . وناقة كتوم ومكتام : لا تشول بذنبها عند اللقاح ولا يعلم بحملها ، كتمت تكتم كتوما ; قال الشاعر في وصف فحل :


                                                          فهو لجولان القلاص شمام     إذا سما فوق جموح مكتام



                                                          ابن الأعرابي : الكتيم الجمل الذي لا يرغو . والكتيم : القوس التي لا تنشق . وسحاب مكتوم : لا رعد فيه . والكتوم أيضا : الناقة التي لا ترغو إذا ركبها صاحبها ، والجمع كتم ; قال الأعشى :


                                                          كتوم الرغاء إذا هجرت     وكانت بقية ذود كتم



                                                          وقال آخر :


                                                          كتوم الهواجر ما تنبس



                                                          وقال الطرماح :


                                                          قد تجاوزت بهلواعة     عبر أسفار كتوم البغام



                                                          وناقة كتوم : لا ترغو إذا ركبت . والكتوم والكاتم من القسي : التي لا ترن إذا أنبضت ، وربما جاءت في الشعر كاتمة ، وقيل : هي التي لا شق فيها ، وقيل : هي التي لا صدع في نبعها ، وقيل : هي التي لا صدع فيها كانت من نبع أو غيره ; وقال أوس بن حجر :


                                                          كتوم طلاع الكف لا دون ملئها     ولا عجسها عن موضع الكف أفضلا



                                                          قوله طلاع الكف أي ملء الكف ، قال : ومثله قول الحسن أحب إلي من طلاع الأرض ذهبا . وفي الحديث : أنه كان اسم قوس سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتوم ، سميت به لانخفاض صوتها إذا رمي عنها ، وقد كتمت كتوما . أبو عمرو : كتمت المزادة تكتم كتوما إذا ذهب مرحها وسيلان الماء من مخارزها أول ما تسرب ، وهي مزادة كتوم . وسقاء كتيم ، وكتم السقاء يكتم كتمانا وكتوما : أمسك ما فيه من اللبن والشراب وذلك حين تذهب عينته ثم يدهن السقاء بعد ذلك ، فإذا أرادوا أن يستقوا فيه سربوه ، والتسريب : أن يصبوا فيه الماء بعد الدهن حتى يكتم خرزه ويسكن الماء ثم يستقى فيه . وخرز كتيم : لا ينضح الماء ولا يخرج ما فيه . والكاتم : الخارز ، من الجامع لابن القزاز ; وأنشد فيه :


                                                          وسالت دموع العين ثم تحدرت     ولله دمع ساكب ونموم
                                                          فما شبهت إلا مزادة كاتم     وهت أو وهى من بينهن كتوم



                                                          وهو كله من الكتم لأن إخفاء الخارز للمخروز بمنزلة الكتم لها ، وحكى كراع : لا تسألوني عن كتمة ، بسكون التاء ، أي كلمة . ورجل أكتم : عظيم البطن ، وقيل : شبعان . والكتم ، بالتحريك : نبات يخلط مع الوسمة للخضاب الأسود . الأزهري : الكتم نبت فيه حمرة . وروي عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه كان يختضب بالحناء والكتم ، وفي رواية : يصبغ بالحناء والكتم ; قال أمية بن أبي الصلت :


                                                          وشوذت شمسهم إذا طلعت     بالجلب هفا كأنه كتم



                                                          قال ابن الأثير في تفسير الحديث : يشبه أن يراد به استعمال الكتم مفردا عن الحناء ، فإن الحناء إذا خضب به مع الكتم جاء أسود ، وقد صح النهي عن السواد ; قال : ولعل الحديث بالحناء أو الكتم على التخيير ، ولكن الروايات على اختلافها بالحناء والكتم . وقال أبو عبيد : الكتم ، مشدد التاء ، والمشهور التخفيف . وقال أبو حنيفة : [ ص: 24 ] يشبب الحناء بالكتم ليشتد لونه ، قال : ولا ينبت الكتم إلا في الشواهق ولذلك يقل . وقال مرة : الكتم نبات لا يسمو صعدا وينبت في أصعب الصخر فيتدلى تدليا خيطانا لطافا ، وهو أخضر وورقه كورق الآس أو أصغر ; قال الهذلي ووصف وعلا :


                                                          ثم ينوش إذا آد النهار له     بعد الترقب من نيم ومن كتم



                                                          وفي حديث فاطمة بنت المنذر : كنا نمتشط مع أسماء قبل الإحرام وندهن بالمكتومة ; قال ابن الأثير : هي دهن من أدهان العرب أحمر يجعل فيه الزعفران ، وقيل : يجعل فيه الكتم ، وهو نبت يخلط مع الوسمة ويصبغ به الشعر أسود ، وقيل : هو الوسمة . والأكثم : العظيم البطن . والأكثم : الشبعان ، بالثاء المثلثة ، ويقال ذلك فيهما بالتاء المثناة أيضا ، وسيأتي ذكره . ومكتوم وكتيم وكتيمة : أسماء ; قال :


                                                          وأيمت منا التي لم تلد     كتيم بنيك ، وكنت الحليلا



                                                          أراد كتيمة فرخم في غير النداء اضطرارا . وابن أم مكتوم : مؤذن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤذن بعد بلال لأنه كان أعمى فكان يقتدي ببلال . وفي حديث زمزم : أن عبد المطلب رأى في المنام قيل : احفر تكتم بين الفرث والدم ; تكتم : اسم بئر زمزم ، سميت بذلك لأنها كانت اندفنت بعد جرهم فصارت مكتومة حتى أظهرها عبد المطلب . و بنو كتامة : حي من حمير صاروا إلى بربر حين افتتحها افريقس الملك ، وقيل : كتامة قبيلة من البربر . و كتمان ، بالضم : موضع ، وقيل : اسم جبل ; قال ابن مقبل :


                                                          قد صرح السير عن كتمان ، وابتذلت     وقع المحاجن بالمهرية الذقن



                                                          وكتمان : اسم ناقة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية