الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كتن

                                                          كتن : الكتن : الدرن والوسخ وأثر الدخان في البيت . وكتن الوسخ على الشيء كتنا : لصق به . والكتن : التلزج والتوسخ . التهذيب في كتل : يقال كتنت جحافل الخيل من أكل العشب إذا لصق به أثر خضرته ، وكتلت ، بالنون واللام ، إذا لزجت ولكز بها ماؤه فتلبد ; ومنه قول ابن مقبل :


                                                          والعير ينفخ في المكنان قد كتنت منه جحافله والعضرس الثجر



                                                          المكنان : نبت بأرض قيس ، واحدته مكنانة ، وهي شجرة غبراء صغيرة ; وقال القزاز : المكنان نبات الربيع ، ويقال : الموضع الذي ينبت فيه والعضرس : شجر ، والثجر : جمع ثجرة ، وهي القطعة منه ; ويقال : الثجر للريان ، ويروى الثجر أي المجتمع في نباته . وفي حديث الحجاج أنه قال لامرأة : إنك لكتون لفوت لقوف ; الكتون : اللزوق من كتن الوسخ عليه إذا لزق به . والكتن : لطخ الدخان بالحائط أي أنها لزوق بمن يمسها أو أنها دنسة العرض . الليث : الكتن لطخ الدخان بالبيت والسواد بالشفة ونحوه . يقال للدابة إذا أكلت الدرين : قد كتنت جحافلها أي اسودت ; قال الأزهري : غلط الليث في قوله إذا أكلت الدرين ، لأن الدرين ما يبس من الكلإ وأتى عليه حول فاسود ولا لزج له حينئذ فيظهر لونه في الجحافل ، وإنما تكتن الجحافل من مرعى العشب الرطب يسيل ماؤه فيتراكب وكبه ولزجه على مقام الشاء ومشافر الإبل وجحافل الحافر ، وإنما يعرف هذا من شاهده وثافنه ، فأما من يعتبر الألفاظ ولا مشاهدة له فإنه يخطئ من حيث لا يعلم ، قال : وبيت ابن مقبل يبين لك ما قلته ، وذلك أن المكنان والعضرس ضربان من البقول غضان رطبان ، وإذا تناثر ورقهما بعد هيجهما اختلط بقميم العشب غيرهما فلم يتميزا منها . وسقاء كتن إذا تلزج به الدرن . وكتن الخطر تراكب على عجز الفحل من الإبل ; أنشد يعقوب لابن مقبل :


                                                          ذعرت به العير مستوزيا     شكير ، جحافله قد كتن



                                                          مستوزيا : منتصبا مرتفعا ، والشكير : الشعر الضعيف ، يعني أن أثر خضرة العشب قد لزق به . أبو عمرو : الكتن تراب أصل النخلة . والكتن : التزاق العلف بفيدي جحفلتي الفرس ، وهما صمغاها . والكتان ، بالفتح : معروف عربي ، سمي بذلك ؛ لأنه يخيس ويلقى بعضه على بعض حتى يكتن ، وحذف الأعشى منه الألف للضرورة وسماه الكتن فقال :


                                                          هو الواهب المسمعات الشرو     ب ، بين الحرير وبين الكتن



                                                          كما حذفها ابن هرمة في قوله :


                                                          بينا أحبر مدحا عاد مرثية     هذا لعمري شر دينه عدد



                                                          دينه : دأبه ، والعدد : العداد ، وهو اهتياج وجع اللديغ ، وقال أبو حنيفة : زعم بعض الرواة أنها لغة ، وقال بعضهم : إنما حذف للحاجة قال ابن سيده : ولم أسمع الكتن في الكتان إلا في شعر الأعشى . ويقال : لبس الماء كتانه إذا طحلب واخضر رأسه ; قال ابن مقبل :


                                                          أسفن المشافر كتانه     فأمررنه مستدرا فجالا


                                                          أسفن : يعني الإبل ، أي أشممن مشافرهن كتان الماء ، وهو طحلبه ; ويقال : أراد بكتانه غثاءه ، ويقال : أراد زبد الماء فأمررنه أي شربنه من المرور ، مستدرا أي أنه استدر إلى حلوقها فجرى فيها ، وقوله فجالا أي جال إليها . والكتن والكتن : القدح ، وفي بعض نسخ المصنف : ومثلها من الرجال المكمور ، وهو الذي أصاب الكاتن كمرته ; قال ابن سيده : ولا أعرفه والمعروف الخاتن . و كتانة : اسم موضع ; قال كثير عزة :


                                                          أجرت خفوفا من جنوب كتانة     إلى وجمة لما اسجهرت حرورها



                                                          وكتانة هذه كانت لجعفر بن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر . وورد في الحديث ذكر كتانة ، بضم الكاف وتخفيف التاء ، ناحية من أعراض المدينة لآل جعفر بن أبي طالب .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية