الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
695 - مسألة : ومن عليه دين - كما ذكرنا وعنده مال تجب في مثله الزكاة سواء كان أكثر من الدين الذي عليه أو مثله أو أقل منه ، من جنسه كان أو من غير جنسه - : فإنه يزكي ما عنده ، ولا يسقط من أجل الدين الذي عليه شيء من زكاة ما بيده - : وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان وغيرهما . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يجعل الدين في العروض التي عنده التي لا زكاة فيها ، ويزكي ما عنده فإن لم يكن عنده عروض جعل دينه فيما بيده مما فيه الزكاة ، وأسقط بذلك الزكاة ، فإن فضل عن دينه شيء يجب في مقداره الزكاة زكاه وإلا فلا ، وإنما هذا عنده في الذهب والفضة فقط .
وأما المواشي والزرع والثمار فلا ; ولكن يزكي كل ذلك ، سواء كان عليه دين مثل ما معه من ذلك أو أكثر أو أقل ؟ وقال آخرون : يسقط الدين زكاة العين والمواشي ، ولا يسقط زكاة الزرع والثمار .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : يجعل ما عليه من الدين في مال تجب فيه الزكاة ، سواء في ذلك الذهب ، والفضة ، والمواشي ، والحرث ، والثمار ، وعروض التجارة ، [ ص: 220 ] ويسقط به زكاة كل ذلك . ولا يجعل دينه في عروض القنية ما دام عنده مال تجب فيه الزكاة ، أو ما دام عنده عروض للتجارة ; وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري . وقال nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : لا يجعل دين الزرع إلا في الزرع ، ولا يجعل دين الماشية إلا في الماشية ، ولا يجعل دين العين إلا في العين ، فيسقط بذلك ما عنده مما عليه دين مثله ، ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : قلت nindex.php?page=showalam&ids=16568لعطاء : حرث لرجل دينه أكثر من ماله ، أيؤدي حقه ؟ قال : ما نرى على رجل دينه أكثر من ماله صدقة ، لا في ماشية ولا في أصل ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=11862أبا الزبير ، سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا يقول ليس عليه صدقة .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : nindex.php?page=treesubj&link=3269_25616إسقاط الدين زكاة ما بيد المدين لم يأت به قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع ; بل قد جاءت السنن الصحاح بإيجاب الزكاة في المواشي ، والحب ، والتمر ، والذهب ، والفضة ، بغير تخصيص من عليه دين ممن لا دين عليه ، وأما من طريق النظر فإن ما بيده له أن يصدقه ويبتاع منه جارية يطؤها ويأكل منه وينفق منه ; ولو لم يكفي له لم يحل له التصرف فيه بشيء من هذا ; فإذا هو له ولم يخرجه عن ملكه ويده ما عليه من الدين فزكاة ماله عليه بلا شك .
وأما تقسيم nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ففي غاية التناقض ، وما نعلمه عن أحد قبله ; وكذلك قول أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أيضا - وبالله التوفيق . والمالكيون : ينكرون على nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة هذا بعينه في إيجابه للزكاة في زرع اليتيم وثماره دون ماشيته وذهبه وفضته ، فإن احتجوا بأن قبض زكاة المواشي والزرع إلى المصدق . [ ص: 221 ] قيل : فكان ماذا ؟ وكذلك أيضا قبض زكاة العين إلى السلطان إذا طلبها ولا فرق .