الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كحل

                                                          كحل : الكحل : ما يكتحل به . قال ابن سيده : الكحل ما وضع في العين يشتفى به ، كحلها يكحلها ويكحلها كحلا ، فهي مكحولة وكحيل ، من أعين كحلاء وكحائل ; عن اللحياني ; وكحلها ; أنشد ثعلب :


                                                          فما لك بالسلطان أن تحمل القذى جفون عيون ، بالقذى لم تكحل



                                                          وقد اكتحل وتكحل . والمكحال : الميل تكحل به العين من المكحلة ; قال ابن سيده : المكحل والمكحال الآلة التي يكتحل بها ; وقال الجوهري : المكحل والمكحال الملمول الذي يكتحل به ; قال الشاعر :


                                                          إذا الفتى لم يركب الأهوالا     وخالف الأعمام والأخوالا
                                                          فأعطه المرآة والمكحالا     واسع له وعده عيالا



                                                          وتمكحل الرجل إذا أخذ مكحلة . والمكحلة : الوعاء ، أحد ما شذ مما يرتفق به فجاء على مفعل وبابه مفعل ، ونظيره المدهن والمسعط ; قال سيبويه : وليس على المكان إذ لو كان عليه لفتح لأنه من يفعل ، قال ابن السكيت : ما كان على مفعل ومفعلة مما يعمل به فهو مكسور الميم ، مثل مخرز ومبضع ومسلة ومزرعة ومخلاة . إلا أحرفا جاءت نوادر بضم الميم والعين وهي : مسعط ومنخل ومدهن ومكحلة ومنصل ; وقوله أنشده ابن الأعرابي قال وهو للبيد فيما زعموا :


                                                          كميش‌‌ الإزار يكحل العين إثمدا     ويغدو علينا مسفرا غير واجم



                                                          فسره فقال : معنى يكحل العين إثمدا أنه يركب فحمة الليل وسواده . الأزهري : الكحل مصدر الأكحل والكحلاء من الرجال والنساء ; قال ابن سيده : والكحل في العين أن يعلوا منابت الأشفار سواد مثل الكحل من غير كحل ، رجل أكحل بين الكحل وكحيل وقد كحل ، وقيل : الكحل في العين أن تسود مواضع الكحل ، وقيل : الكحلاء الشديدة السواد ، وقيل : هي التي تراها كأنها مكحولة وإن لم تكحل ; وأنشد :


                                                          كأن بها كحلا وإن لم تكحل



                                                          الفراء : يقال عين كحيل ، بغير هاء ، أي مكحولة . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - في عينه كحل ; الكحل بفتحتين : سواد في أجفان العين خلقة . وفي حديث أهل الجنة : جرد مرد كحلى ; كحلى : جمع كحيل مثل قتيل وقتلى . وفي حديث الملاعنة : إن جاءت به أدعج أكحل العينين . والكحلاء من النعاج : البيضاء السوداء العينين . وجاء من المال بكحل عينين أي بقدر ما يملؤهما أو يغشي سوادهما . أبو عبيد : ويقال لفلان كحل ، ولفلان سواد أي مال كثير . قال : وكان الأصمعي يتأول في سواد العراق أنه سمي به للكثرة ; قال الأزهري : وأما أنا فأحسبه للخضرة . ويقال : مضى لفلان كحل أي مال كثير . والكحلة : خرزة سوداء تجعل على الصبيان ; وهي خرزة العين والنفس تجعل من الجن والإنس ، فيها لونان بياض وسواد كالرب والسمن إذا اختلطا ، وقيل : هي خرزة تستعطف بها الرجال ; وقال اللحياني : هي خرزة تؤخذ بها النساء الرجال . وكحل العشب : أن يرى النبت في الأصول الكبار وفي الحشيش مخضرا إذا كان قد أكل ، ولا يقال ذلك في العضاه . واكتحلت الأرض بالخضرة وكحلت وتكحلت وأكحلت واكحالت : وذلك حين تري أول خضرة النبات . والكحلاء : عشبة روضية سوداء اللون ذات ورق وقضب ، ولها بطون حمر وعرق أحمر ينبت بنجد في أحوية الرمل . وقال أبو حنيفة : الكحلاء عشبة سهلية تنبت على ساق ، ولها أفنان قليلة لينة وورق كورق الريحان اللطاف خضر ووردة ناضرة ، لا يرعاها شيء ولكنها حسنة المنظر ; قال ابن بري : الكحلاء نبت ترعاه النحل ; قال الجعدي في صفة النحل :


                                                          قرع الرءوس لصوتها جرس     في النبع والكحلاء والسدر



                                                          والإكحال والكحل : شدة المحل . يقال : أصابهم كحل ومحل . وكحل : السنة الشديدة ، تصرف ولا تصرف على ما يجب في هذا الضرب من المؤنث العلم ; قال سلامة بن جندل :


                                                          قوم إذا صرحت كحل ، بيوتهم     مأوى الضريك ومأوى كل قرضوب



                                                          فأجراه الشاعر لحاجته إلى إجرائه ، القرضوب هاهنا : الفقير . ويقال : صرحت كحل إذا لم يكن في السماء غيم . وحكى أبو عبيد وأبو حنيفة فيها الكحل ، بالألف واللام ، وكرهه بعضهم . الجوهري : يقال للسنة المجدبة كحل ، وهي معرفة لا تدخلها الألف واللام . وكحلتهم السنون : أصابتهم ; قال :


                                                          لسنا كأقوام إذا كحلت     إحدى السنين ، فجارهم تمر



                                                          يقول : يأكلون جارهم كما يؤكل التمر . وقال أبو حنيفة : كحلت السنة تكحل كحلا إذا اشتدت . الفراء : اكتحل الرجل إذا وقع بشدة بعد رخاء . ومن أمثالهم : باءت عرار بكحل إذا قتل القاتل بمقتوله . يقال : كانتا بقرتين في بني إسرائيل قتلت إحداهما بالأخرى ; قال الأزهري : من أمثال العرب القديمة قولهم في التساوي : باءت عرار بكحل ; قال ابن بري : كحل اسم بقرة بمنزلة دعد ، يصرف ولا يصرف فشاهد الصرف ; قول ابن عنقاء الفزاري :


                                                          باءت عرار بكحل والرفاق معا     فلا تمنوا أماني الأباطيل



                                                          وشاهد ترك الصرف قول عبد الله بن الحجاج الثعلبي من بني ثعلبة بن ذبيان :


                                                          باءت عرار بكحل فيما بيننا     والحق يعرفه ذوو الألباب



                                                          وكحلة : من أسماء السماء . قال الفارسي : وتأله قيس بن نشبة في الجاهلية وكان منجما متفلسفا يخبر بمبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما بعث أتاه قيس فقال له : يا محمد ما كحلة ؟ فقال : السماء ، فقال : ما محلة ؟ فقال : الأرض ، فقال : أشهد أنك لرسول الله ، فإنا قد وجدنا في بعض [ ص: 31 ] الكتب أنه لا يعرف هذا إلا نبي ; وقد يقال لها الكحل ، قال الأموي : كحل السماء ; وأنشد للكميت :


                                                          إذا ما المراضيع الخماص تأوهت     ولم تند من أنواء كحل جنوبها



                                                          والأكحل : عرق في اليد يفصد ، قال : ولا يقال عرق الأكحل . قال ابن سيده : يقال له النسا في الفخذ ، وفي الظهر الأبهر ، وقيل : الأكحل عرق الحياة يدعى نهر البدن ، وفي كل عضو منه شعبة لها اسم على حدة ، فإذا قطع في اليد لم يرقإ الدم . وفي الحديث : أن سعدا رمي في أكحله ; الأكحل : عرق في وسط الذارع يكثر فصده . والمكحالان : عظمان شاخصان مما يلي باطن الذراعين من مركبهما ، وقيل : هما في أسفل باطن الذراع ، وقيل : هما عظما الوركين من الفرس . والكحيل ، مبني على التصغير : الذي تطلى به الإبل للجرب ، لا يستعمل إلا مصغرا ; قال الشاعر :


                                                          مثل الكحيل أو عقيد الرب



                                                          قيل : هو النفط والقطران ، إنما يطلى به للدبر والقردان وأشباه ذلك ; قال علي بن حمزة : هذا من مشهور غلط الأصمعي لأن النفط لا يطلى به للجرب وإنما يطلى بالقطران ، وليس القطران مخصوصا بالدبر والقردان كما ذكر ; ويفسد ذلك قول القطران الشاعر :


                                                          أنا القطران والشعراء جربى     وفي القطران للجربى شفاء



                                                          وكذلك قول القلاخ المنقري :


                                                          إني أنا القطران أشفي ذا الجرب



                                                          و كحيلة و كحل : موضعان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية