الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم دخلت سنة اثنتين وعشرين

فمن الحوادث فيها:

أن معاوية غزا الصائفة ، ودخل بلاد الروم في عشرة آلاف من المسلمين .

[أنبأنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، قال: أنبأنا أبو عثمان الصابوني ، وأبو بكر البيهقي ، قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم ، قال: حدثني أبو بكر محمد بن الفضل الفقيه ، قال: حدثنا أبو نعيم عبد الملك بن علي ، قال: حدثنا صالح بن علي النوفلي ، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي ، قال: حدثنا عمر بن المغيرة ، عن عطاء بن العجلان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ] قال: أسرت الروم عبد الله بن حذافة السهمي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال له الطاغية: تنصر ، وإلا قتلتك أو ألقيتك في النقرة النحاس . قال: ما أفعل . فدعا بنقرة نحاس فملئت زيتا وأغليت ، ودعا رجلا من المسلمين ، فعرض عليه النصرانية فأبى ، فألقاه في النقرة ، فإذا بعظامه تلوح .

فقال لعبد الله بن حذافة : تنصر وإلا ألقيتك . قال: ما أفعل . فأمر به أن يلقى في النقرة ، فكتفوه فبكى ، فقالوا: قد جزع وبكى . قال: ردوه . قال: فقال: لا تظن أني بكيت جزعا ، ولكن بكيت إذ ليس بي إلا نفس واحدة يفعل بها هذا في [سبيل] الله عز وجل ، كنت أحب أن يكون لي من الأنفس عدد كل شعرة في ، ثم تسلط علي فتفعل بي هذا . قال: فأعجب به ، وأحب أن يطلقه ، فقال: قبل رأسي وأطلقك . قال: ما أفعل . [ ص: 321 ]

قال: تنصر وأزوجك ابنتي وأقاسمك ملكي . قال: ما أفعل . قال: قبل رأسي وأطلق معك ثمانين من المسلمين . فقال: أما هذا فنعم . فقبل رأسه فأطلقه وثمانين معه .

فلما قدموا على عمر قام إليه عمر فقبل رأسه ، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمازحون عبد الله فيقولون: قبل رأس العلج .

ومن الحوادث في هذه السنة: أن عمر رضي الله عنه كتب إلى نعيم بن مقرن : أن سر حتى تأتي همدان ، وابعث على مقدمتك سويد بن مقرن ، وعلى مجنبتك ربعي بن عامر ، ومهلهل بن زيد الطائي ، فخرج حتى نزل ثنية العسل -وسميت "ثنية العسل" لأجل العسل الذي أصابوا فيها عند وقعة نهاوند ، ثم انحدر نعيم من الثنية حتى نزل على مدينة همدان ، وقد تحصنوا فيها ، فحاصرهم واستولى على بلاد همدان كلها ، فلما رأى ذلك أهل همدان سألوه الصلح فأجابهم ، وقبل منهم الجزية .

وقال ربيعة بن عثمان: كان فتح همذان في جمادى الأولى على رأس ستة أشهر من مقتل عمر ، وجيوشه عليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية