الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب المصلي يدعو ويذكر الله إذا مر بآية رحمة أو عذاب أو ذكر ( رواه حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبق ) .

                                                                                                                                            836 - ( وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال : { سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة ليست بفريضة فمر بذكر الجنة والنار فقال : أعوذ بالله من النار ويل لأهل النار } . رواه أحمد وابن ماجه بمعناه )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            . حديث ابن أبي ليلى رواه ابن ماجه من طريق أبي بكر بن أبي شيبة عن علي بن هاشم وحديث حذيفة الذي أشار إليه المصنف قد تقدم في باب قراءة سورتين في ركعة وذكرنا في شرحه أنه يدل على مشروعية السؤال عند المرور بآية فيها سؤال ، والتعوذ عند المرور بآية فيها تعوذ والتسبيح عند قراءة ما فيه تسبيح ، وقد ذهب إلى استحباب ذلك الشافعية

                                                                                                                                            وحديث الباب يدل على استحباب التعوذ من النار عند المرور بذكرها ، وقد قيده الراوي بصلاة غير فريضة . وكذلك حديث حذيفة مقيد بصلاة الليل ، وكذلك حديث عائشة الآتي وحديث عوف بن مالك .

                                                                                                                                            837 - ( وعن عائشة قالت { كنت أقوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة التمام فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء فلا يمر بآية فيها تخويف إلا دعا الله عز وجل واستعاذ ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله عز وجل ورغب إليه } رواه أحمد ) . [ ص: 381 ]

                                                                                                                                            838 - ( وعن موسى بن أبي عائشة قال : { كان رجل يصلي فوق بيته وكان إذا قرأ { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } قال : سبحانك فبلى فسألوه عن ذلك ، فقال . سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم } . رواه أبو داود ) الحديث الأول يشهد له حديث حذيفة المتقدم . وحديث عوف الآتي . والحديث الثاني سكت عنه أبو داود والمنذري

                                                                                                                                            قوله : ( ليلة التمام ) أي ليلة تمام البدر . قوله : ( عن موسى بن أبي عائشة ) هو الهمداني الكوفي مولى آل جعدة بن هبيرة المخزومي ، قال في التقريب : ثقة عابد من الخامسة وكان يرسل ، ومن دونه هم رجال الصحيح . قوله : ( كان رجل ) جهالة الصحابي مغتفرة عند الجمهور وهو الحق

                                                                                                                                            قوله : ( يصلي فوق بيته ) فيه جواز الصلاة على ظهر البيت والمسجد ونحوهما فرضا أو نفلا عند من جعل فعل الصحابي حجة أخذا بهذا . والأصل الجواز في كل مكان من الأمكنة ما لم يقم دليل على عدمه . قوله : ( قال سبحانك ) أي تنزيها لك أن يقدر أحد على إحياء الموتى غيرك وهو منصوب على المصدر . وقال الكسائي : منصوب على أنه منادى مضاف . قوله : ( فبلى ) في نسخة من سنن أبي داود فبكى بالكاف ، قال ابن رسلان : وأكثر النسخ المعتمدة باللام بدل الكاف وبلى حرف لإيجاب النفي ، والمعنى : أنت قادر على أن تحيي الموتى .

                                                                                                                                            839 - ( وعن عوف بن مالك قال : { قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ فاستاك وتوضأ ، ثم قام فصلى فبدأ فاستفتح البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل ، قال : ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ، ثم ركع فمكث راكعا بقدر قيامه يقول في ركوعه : سبحان ذي الجبروت والملكوت ، والكبرياء والعظمة ، ثم سجد بقدر ركوعه يقول في سجوده : سبحان ذي الجبروت والملكوت ، والكبرياء والعظمة ، ثم قرأ آل عمران ثم سورة سورة ، ثم فعل مثل ذلك } . رواه النسائي وأبو داود ولم يذكر الوضوء ولا السواك ) الحديث أخرجه أيضا الترمذي ورجال إسناده ثقات ; لأن أبا داود أخرجه عن أحمد بن صالح عن ابن وهب عن معاوية بن صالح الحضرمي قاضي الأندلس . وقد أخرج له مسلم والأربعة عن عمرو بن قيس الكندي والسكوني سيد أهل حمص عن عاصم بن حميد . قال الدارقطني : ثقة عن عوف بن مالك .

                                                                                                                                            قوله : ( فاستفتح البقرة ) فيه جواز تسمية السورة بالبقرة وآل عمران والعنكبوت والروم ونحو ذلك خلافا لمن كره ذلك وقال : [ ص: 382 ] إنما يقال السورة التي تذكر فيها البقرة

                                                                                                                                            قوله : ( فتعوذ ) قال عياض : وفيه آداب تلاوة القرآن في الصلاة وغيرها

                                                                                                                                            قال النووي : وفيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها يعني فرضها ونفلها للإمام والمأموم والمنفرد . قوله : ( ذي الجبروت ) هو فعلوت من الجبر وهو القهر يقال : جبرت وأجبرت : بمعنى قهرت .

                                                                                                                                            وفي الحديث ثم يكون ملك وجبروت : أي عتو وقهر .

                                                                                                                                            وفي كلام التهذيب للأزهري ما يشعر بأنه يقال في الآدمي جبرءوت بالهمز لأن زيادة الهمز تؤذن بزيادة الصفة وتجددها فالهمزة للفرق بين صفة الله وصفة الآدمي . قال ابن رسلان : وهو فرق حسن

                                                                                                                                            . قوله : ( والملكوت ) اسم من الملك . قوله : ( والكبرياء ) من الكبر بكسر الكاف : وهو العظمة فيكون على هذا عطفها عليه في الحديث عطف تفسير . قيل : وهي عبارة عن كمال الذات والوجود ولا يوصف بها إلا الله . قوله : ( ثم سجد بقدر ركوعه ) رواية أبي داود " ثم يسجد بقدر قيامه "

                                                                                                                                            قوله : ( ثم سورة سورة ) رواية أبي داود " ثم قرأ سورة سورة " قال ابن رسلان : يحتمل أن المراد : ثم قرأ سورة النساء ثم سورة المائدة . قوله : ( ثم فعل مثل ذلك ) هذه الرواية للنسائي ولم يذكرها أبو داود ، أي فعل في الركوع والسجود مثل ما فعل في الركعتين قبلهما .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية