[ ص: 1718 ] القول في تأويل قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=18467_28633_28861_29680_30179_30291_31048_32363_32416_34135_34141_842_844_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنـزل إليك وما أنـزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما [162]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162لكن الراسخون في العلم منهم أي: الثابتون في العلم المستبصرون فيه، كعبد الله بن سلام.
قال
الرازي : الراسخون في العلم: الثابتون فيه، وهم في الحقيقة المستدلون؛ لأن المقلد يكون بحيث إذا شكك يشك، وأما المستدل فإنه لا يتشكك البتة، فالراسخون هم المستدلون
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162والمؤمنون أي: من الأميين اللاحقين بهم في الرسوخ بصحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162يؤمنون بما أنـزل إليك من القرآن
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162وما أنـزل من قبلك على سائر الأنبياء؛ لاطلاعهم على كمالات المنزل عليك، وأنه صدق ما أنزل من قبلك، فلا بد من الإيمان به أيضا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162والمقيمين الصلاة قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : هكذا هو في مصاحف الأئمة، وكذا هو في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ارتفاع (الراسخون) على الابتداء، و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162يؤمنون خبره و
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162والمقيمين نصب على المدح؛ لبيان فضل الصلاة، وهو باب واسع قد كسره سيبويه على أمثلة وشواهد. ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنا في خط المصحف. وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب، ولم يعرف مذاهب العرب، وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان، وغبي عليه أن السابقين الأولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الإسلام، وذب المطاعن عنه، من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم، وخرقا يرفوه من يلحق بهم.
[ ص: 1719 ] وقيل: هو عطف على:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162بما أنـزل إليك أي: يؤمنون بالكتاب وبالمقيمين الصلاة وهم الأنبياء.
وفي مصحف
عبد الله (والمقيمون) بالواو، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار ،
والجحدري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى الثقفي .
وجوز عطف (المقيمين) على الضمير في (منهم) وعطفه على الضمير في و(إليك) والكتاب أنزل للنبي ولأتباعه، قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=57يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم [يونس: 57] كذا في حواشي الشذور.
وقد أشار
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بقوله: (كانوا أبعد همة) إلى رد ما نقل أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - رضي الله عنه - لما فرغ من المصحف أتي به إليه، فقال: قد أحسنتم وأجملتم، أرى شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها، ولو كان المملي من هذيل والكاتب من
قريش لم يوجد فيه هذا.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14467الحافظ السخاوي: هذا الأثر ضعيف، والإسناد فيه اضطراب وانقطاع؛ لأن عثمان - رضي الله عنه - جعل للناس إماما يقتدون به، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها؟! وقد كتب مصاحف سبعة وليس فيها اختلاف قط، إلا فيما هو من وجوه القراءات، وإذا لم يقمه هو ومن باشر الجمع، كيف يقيمه غيرهم؟!
[ ص: 1720 ] وتأول قوم اللحن في كلامه (على تقدير صحته عنه) بأن المراد الرمز والإيماء كما في قوله:
منطق رائع وتلحن أحيا نا وخير الكلام ما كان لحنا
[ ص: 1721 ] أي: المراد به الرمز، بحذف بعض الحروف خطا، كألف (الصابرين) مما يعرفه القراء إذا رأوه، وكذا زيادة بعض الحروف، كذا في "عناية الراضي".
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162والمؤتون الزكاة رفعه بالعطف على:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162الراسخون أو على الضمير في: " يؤمنون " أو على أنه مبتدأ، والخبر:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162أولئك سنؤتيهم والوجوه المذكورة تجري في " المقيمين " على قراءة الرفع.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162والمؤمنون بالله واليوم الآخر يعني: والمصدقون بوحدانية الله تعالى وبالبعث بعد الموت وبالثواب والعقاب، وإنما قدم الإيمان بالأنبياء والكتب وما يصدقه من اتباع الشرائع؛ لأنه المقصود في هذا المقام، لأنه لبيان حال أهل الكتاب وإرشادهم، وهم كانوا يؤمنون ببعض ذلك ويتركون بعضه، فبين لهم ما يلزمهم ويجب عليهم.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما يعني الجنة؛ لجمعهم بين الإيمان الصحيح والعمل الصالح.
لطيفة:
في الآية وجوه من الإعراب، أحسنها ما اعتمده
أبو السعود ، من أن جملة:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162أولئك سنؤتيهم إلخ ... خبر للمبتدأ الذي هو:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162الراسخون وما عطف عليه، وأن جملة:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162يؤمنون بما أنـزل إلخ ... حال من " المؤمنون " مبينة لكيفية إيمانهم، أو اعتراض مؤكد لما قبله.
قال: وهذا أنسب بتجاوب طرفي الاستدراك؛ حيث أوعد الأولون بالعذاب الأليم، ووعد الآخرون بالأجر العظيم، كأنه قيل إثر قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=161وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما لكن المؤمنون منهم سنؤتيهم أجرا عظيما.
وأما ما جنح إليه الجمهور من جعل قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162يؤمنون بما أنـزل إلخ .. خبرا للمبتدأ، ففي كمال السداد، خلا أنه غير متعرض لتقابل الطرفين.
[ ص: 1718 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=18467_28633_28861_29680_30179_30291_31048_32363_32416_34135_34141_842_844_28975nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْـزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا [162]
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ أَيِ: الثَّابِتُونَ فِي الْعِلْمِ الْمُسْتَبْصِرُونَ فِيهِ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ.
قَالَ
الرَّازِيُّ : الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ: الثَّابِتُونَ فِيهِ، وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ الْمُسْتَدِلُّونَ؛ لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ يَكُونُ بِحَيْثُ إِذَا شُكِّكَ يَشُكُّ، وَأَمَّا الْمُسْتَدِلُّ فَإِنَّهُ لَا يَتَشَكَّكُ الْبَتَّةَ، فَالرَّاسِخُونَ هُمُ الْمُسْتَدِلُّونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162وَالْمُؤْمِنُونَ أَيْ: مِنَ الْأُمِّيِّينَ اللَّاحِقِينَ بِهِمْ فِي الرُّسُوخِ بِصُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162وَمَا أُنْـزِلَ مِنْ قَبْلِكَ عَلَى سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى كِمَالَاتِ الْمُنَزَّلِ عَلَيْكَ، وَأَنَّهُ صَدَّقَ مَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِيمَانِ بِهِ أَيْضًا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ : هَكَذَا هُوَ فِي مَصَاحِفِ الْأَئِمَّةِ، وَكَذَا هُوَ فِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ارْتِفَاعُ (الرَّاسِخُونَ) عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162يُؤْمِنُونَ خَبَرُهُ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162وَالْمُقِيمِينَ نُصِبَ عَلَى الْمَدْحِ؛ لِبَيَانِ فَضْلِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ بَابٌ وَاسِعٌ قَدْ كَسَرَهُ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَمْثِلَةٍ وَشَوَاهِدَ. وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَى مَا زَعَمُوا مِنْ وُقُوعِهِ لَحْنًا فِي خَطِّ الْمُصْحَفِ. وَرُبَّمَا الْتَفَّتْ إِلَيْهِ مَنْ لَمْ يَنْظُرْ فِي الْكِتَابِ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَذَاهِبَ الْعَرَبِ، وَمَا لَهُمْ فِي النَّصْبِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ مِنَ الِافْتِنَانِ، وَغَبِيَ عَلَيْهِ أَنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ مَثَلُهُمُ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَانُوا أَبْعَدَ هِمَّةً فِي الْغَيْرَةِ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَذَبِّ الْمَطَاعِنِ عَنْهُ، مِنْ أَنْ يَتْرُكُوا فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُلْمَةً لِيَسُدَّهَا مَنْ بَعْدَهُمْ، وَخَرْقًا يَرْفُوهُ مَنْ يَلْحَقُ بِهِمْ.
[ ص: 1719 ] وَقِيلَ: هُوَ عَطْفٌ عَلَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْكَ أَيْ: يُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ وَبِالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةِ وَهُمُ الْأَنْبِيَاءُ.
وَفِي مُصْحَفِ
عَبْدِ اللَّهِ (وَالْمُقِيمُونَ) بِالْوَاوِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=16871مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ ،
وَالْجَحْدَرِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16748وَعِيسَى الثَّقَفِيِّ .
وَجُوِّزَ عَطْفُ (الْمُقِيمِينَ) عَلَى الضَّمِيرِ فِي (مِنْهُمْ) وَعَطْفُهُ عَلَى الضَّمِيرِ فِي وَ(إِلَيْكَ) وَالْكِتَابُ أُنْزِلَ لِلنَّبِيِّ وَلِأَتْبَاعِهِ، قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=57يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ [يُونُسَ: 57] كَذَا فِي حَوَاشِي الشُّذُورِ.
وَقَدْ أَشَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ: (كَانُوا أَبْعَدَ هِمَّةً) إِلَى رَدِّ مَا نُقِلَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا فُرِغَ مِنَ الْمُصْحَفِ أُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ أَحْسَنْتُمْ وَأَجْمَلْتُمْ، أَرَى شَيْئًا مِنْ لَحْنٍ سَتُقِيمُهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا، وَلَوْ كَانَ الْمُمْلِي مَنْ هُذَيْلٍ وَالْكَاتِبُ مِنْ
قُرَيْشٍ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ هَذَا.
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14467الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ: هَذَا الْأَثَرُ ضَعِيفٌ، وَالْإِسْنَادُ فِيهِ اضْطِرَابٌ وَانْقِطَاعٌ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جُعِلَ لِلنَّاسِ إِمَامًا يَقْتَدُونَ بِهِ، فَكَيْفَ يَرَى فِيهِ لَحْنًا وَيَتْرُكُهُ لِتُقِيمَهُ الْعَرَبُ بِأَلْسِنَتِهَا؟! وَقَدْ كَتَبَ مَصَاحِفَ سَبْعَةً وَلَيْسَ فِيهَا اخْتِلَافٌ قَطُّ، إِلَّا فِيمَا هُوَ مِنْ وُجُوهِ الْقِرَاءَاتِ، وَإِذَا لَمْ يُقِمْهُ هُوَ وَمَنْ بَاشَرَ الْجَمْعَ، كَيْفَ يُقِيمُهُ غَيْرُهُمْ؟!
[ ص: 1720 ] وَتَأَوَّلَ قَوْمٌ اللَّحْنَ فِي كَلَامِهِ (عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ عَنْهُ) بِأَنَّ الْمُرَادَ الرَّمْزُ وَالْإِيمَاءُ كَمَا فِي قَوْلِهِ:
مَنْطِقٌ رَائِعٌ وَتَلُحْنَ أَحْيَا نًا وَخَيْرُ الْكَلَامِ مَا كَانَ لَحْنًا
[ ص: 1721 ] أَيِ: الْمُرَادُ بِهِ الرَّمْزُ، بِحَذْفِ بَعْضِ الْحُرُوفِ خَطًّا، كَأَلِفِ (الصَّابِرِينَ) مِمَّا يَعْرِفُهُ الْقُرَّاءُ إِذَا رَأَوْهُ، وَكَذَا زِيَادَةُ بَعْضِ الْحُرُوفِ، كَذَا فِي "عِنَايَةِ الرَّاضِي".
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ رَفْعُهُ بِالْعَطْفِ عَلَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162الرَّاسِخُونَ أَوْ عَلَى الضَّمِيرِ فِي: " يُؤْمِنُونَ " أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَالْخَبَرُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ وَالْوُجُوهُ الْمَذْكُورَةُ تَجْرِي فِي " الْمُقِيمِينَ " عَلَى قِرَاءَةِ الرَّفْعِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يَعْنِي: وَالْمُصَدِّقُونَ بِوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَبِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْإِيمَانُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْكُتُبِ وَمَا يُصَدِّقُهُ مِنِ اتِّبَاعِ الشَّرَائِعِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، لِأَنَّهُ لِبَيَانِ حَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِرْشَادِهِمْ، وَهُمْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ذَلِكَ وَيَتْرُكُونَ بَعْضَهُ، فَبَيَّنَ لَهُمْ مَا يَلْزَمُهُمْ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ.
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا يَعْنِي الْجَنَّةَ؛ لِجَمْعِهِمْ بَيْنَ الْإِيمَانِ الصَّحِيحِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
لَطِيفَةٌ:
فِي الْآيَةِ وُجُوهٌ مِنَ الْإِعْرَابِ، أَحْسَنُهَا مَا اعْتَمَدَهُ
أَبُو السُّعُودِ ، مِنْ أَنَّ جُمْلَةَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ إِلَخْ ... خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162الرَّاسِخُونَ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ جُمْلَةَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَخْ ... حَالٌ مِنَ " الْمُؤْمِنُونَ " مُبَيِّنَةٌ لِكَيْفِيَّةِ إِيمَانِهِمْ، أَوِ اعْتِرَاضٌ مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ.
قَالَ: وَهَذَا أَنْسَبُ بِتَجَاوُبِ طَرَفَيِ الِاسْتِدْرَاكِ؛ حَيْثُ أُوعِدَ الْأَوَّلُونَ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ، وَوُعِدَ الْآخِرُونَ بِالْأَجْرِ الْعَظِيمِ، كَأَنَّهُ قِيلَ إِثْرَ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=161وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا لَكِنِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْهُمْ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا.
وَأَمَّا مَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ جَعْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=162يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَخْ .. خَبَرًا لِلْمُبْتَدَأِ، فَفِي كَمَالِ السَّدَادِ، خَلَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَرِّضٍ لِتَقَابُلِ الطَّرَفَيْنِ.