الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8148 ) مسألة ; قال : ( فإن حلف ألا يأكل الشحم ، فأكل اللحم ، حنث ; لأن اللحم لا يخلو من شحم ) ظاهر كلام الخرقي ، أن الشحم كل ما يذوب بالنار مما في الحيوان ، فظاهر الآية والعرف يشهد لقوله ، وهذا ظاهر قول أبي الخطاب ، وطلحة ، وقال به أبو يوسف ، ومحمد بن الحسن . فعلى هذا ، لا يكاد لحم يخلو من شيء منه ، وإن قل ، فيحنث به .

                                                                                                                                            وقال القاضي : الشحم هو الذي يكون في الجوف ، من شحم الكلى أو غيره ، وإن أكل من كل شيء من الشاة ، من لحمها الأحمر والأبيض ، والألية ، والكبد ، والطحال ، والقلب ، فقال شيخنا : لا يحنث - يعني ابن حامد - لأن [ ص: 56 ] اسم الشحم لا يقع عليه . وهو قول أبي حنيفة ، والشافعي . وقد سبق الكلام في أن شحم الظهر والجنب شحم ، فيحنث به .

                                                                                                                                            وأما إن أكل لحما أحمر وحده ، لا يظهر فيه شيء من الشحم ، فظاهر كلام الخرقي أنه يحنث ; لأنه لا يخلو من شحم وإن قل ، ويظهر في الطبخ ، فإنه يبين على وجه المرق ، وإن قل ، وبهذا يفارق من حلف لا يأكل سمنا ، فأكل خبيصا فيه سمن لا يظهر فيه طعمه ولا لونه ، فإن هذا قد يظهر الدهن فيه . وقال غير الخرقي من أصحابنا : لا يحنث . وهو الصحيح ; لأنه لا يسمى شحما ، ولا يظهر فيه طعمه ولا لونه ، والذي يظهر في المرق قد فارق اللحم ، فلا يحنث بأكل اللحم الذي كان فيه .

                                                                                                                                            ( 8149 ) فصل : ويحنث بالأكل من الألية ، في ظاهر كلام الخرقي وموافقيه ; لأنها دهن يذوب بالنار ، ويباع مع الشحم ، ولا يباع مع اللحم . وعلى قول القاضي وموافقيه : ليست شحما ولا لحما ، فلا يحنث به الحالف على تركها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية