الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون

                                                                                                                                                                                                                                        وهو الذي أنزل من السماء ماء من السحاب أو من جانب السماء. فأخرجنا على تلوين الخطاب.

                                                                                                                                                                                                                                        به بالماء نبات كل شيء نبت كل صنف من النبات والمعنى: إظهار القدرة في إنبات الأنواع المختلفة المفننة بماء واحد كما في قوله سبحانه وتعالى: يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل [ ص: 175 ] فأخرجنا منه من النبات أو الماء. خضرا شيئا أخضر يقال أخضر كأعور وعور، وهو الخارج من الحبة المتشعب. نخرج منه من الخضر. حبا متراكبا وهو السنبل. ومن النخل من طلعها قنوان أي وأخرجنا من النخل نخلا من طلعها قنوان، أو من النخل شيء من طلعها قنوان، ويجوز أن يكون من النخل خبر قنوان ومن طلعها بدل منه والمعنى: وحاصلة من طلع النخل قنوان وهو الأعذاق جمع قنو كصنوان جمع صنو. وقرئ بضم القاف كذئب وذؤبان وبفتحها على أنه اسم جمع إذ ليس فعلان من أبنية الجمع. دانية قريبة من المتناول، أو ملتفة قريب بعضها من بعض، وإنما اقتصر على ذكرها عن مقابلها لدلالتها عليه وزيادة النعمة فيها. وجنات من أعناب عطف على نبات كل شيء. وقرأ نافع بالرفع على الابتداء أي ولكم أو ثم جنات أو من الكرم جنات، ولا يجوز عطفه على قنوان إذ العنب لا يخرج من النخل. والزيتون والرمان أيضا عطف على نبات أو نصب على الاختصاص لعزة هذين الصنفين عندهم. مشتبها وغير متشابه حال من الرمان، أو من الجميع أي بعض ذلك متشابه وبعضه غير متشابه في الهيئة والقدر واللون والطعم. انظروا إلى ثمره أي ثمر كل واحد من ذلك. وقرأ حمزة والكسائي بضم الثاء والميم، وهو جمع ثمرة كخشبة وخشب، أو ثمار ككتاب وكتب. إذا أثمر إذا أخرج ثمره كيف يثمر ضئيلا لا يكاد ينتفع به.

                                                                                                                                                                                                                                        وينعه وإلى حال نضجه أو إلى نضيجة كيف يعود ضخما ذا نفع ولذة، وهو في الأصل مصدر ينعت الثمر إذا أدركت. وقيل جمع يانع كتاجر وتجر. وقرئ بالضم وهو لغة فيه ويانعه. إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون أي لآيات دالة على وجود القادر الحكيم وتوحيده، فإن حدوث الأجناس المختلفة والأنواع المفننة من أصل واحد ونقلها من حال إلى حال لا يكون إلا بإحداث قادر يعلم تفاصيلها، ويرجح ما تقتضيه حكمته مما يمكن من أحوالها ولا يعوقه عن فعله ند يعارضه أو ضد يعانده، ولذلك عقبه بتوبيخ من أشرك به والرد عليه فقال.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية