الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 8187 ) فصل : وإن نذر المشي إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أو المسجد الأقصى ، لزمه ذلك . وبهذا قال مالك ، والأوزاعي ، وأبو عبيد ، وابن المنذر . وهو أحد قولي الشافعي ، وقال في الآخر : لا يبين لي وجوب المشي إليهما ; لأن البر [ ص: 77 ] بإتيان بيت الله فرض ، والبر بإتيان هذين نفل .

                                                                                                                                            ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الأقصى . } ولأنه أحد المساجد الثلاثة ، فيلزم المشي إليه بالنذر ، كالمسجد الحرام ، ولا يلزم ما ذكره ; لأن كل قربة تجب بالنذر ، وإن لم يكن لها أصل في الوجوب ، كعيادة المريض ، وشهود الجنائز ، ويلزمه بهذا النذر أن يصلي في الموضع الذي أتاه ركعتين ; لأن القصد بالنذر القربة والطاعة ، وإنما تحصيل ذلك بالصلاة ، فتضمن ذلك نذره ، كما يلزم ناذر المشي إلى بيت الله الحرام أحد النسكين ، ونذر الصلاة في أحد المسجدين كنذر المشي إليه ، كما أن نذر أحد النسكين في المسجد الحرام كنذر المشي إليه .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : لا تتعين عليه الصلاة في موضع بالنذر ، سواء كان في المسجد الحرام ; أو غيره ; لأن ما لا أصل له في الشرع لا يجب بالنذر ; بدليل نذر الصلاة في سائر المساجد . ولنا ، ما روي أن عمر قال : يا رسول الله ، { إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوف بنذرك } . متفق عليه . ولأن الصلاة فيها أفضل من غيرها ; بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم : { صلاة في مسجدي هذا ، خير من ألف صلاة فيما سواه ، إلا المسجد الحرام } متفق عليه .

                                                                                                                                            وروي عنه صلى الله عليه وسلم : { صلاة في المسجد الحرام ، بمائة ألف صلاة } . وإذا كان فضيلة وقربة ، لزم بالنذر ، كما لو نذر طول القراءة . وما ذكروه يبطل بالعمرة ، فإنها تلزم بنذرها ، وهي غير واجبة عندهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية